ماذا تعرف عن أسلوب النهي
النهي لغة
من "نَهَاه فانتَهَى. وتَنَاهوا عن المنكَر. وانتَهَى الشيء: بَلغَ النهَاية "(1), والنَهي من: "نَهَاه يَنهَاه نَهيَا : ضد أمره. فانتَهَى وتَنَاهى ".
النهي اصطلاحاً
النهي هو أسلوب إنشائي يَطلبُ المتكلمُ فيه المخاطب الكف عن فعل الشيء وإتيانه, إذ يكون صَادراً ممن هو أعلى, فإن صدر عن شخص مساوٍ فهو التماس, ومن الأقل فهو الدعاء.
فالنهي هو ضد الأمر, إذ يكون فعله معرباً مجزوماً أو يكون مبنياً في محل جزم اذا أتصلت به نون توكيد, مثل قولنا: (لا تَفعَل), أمَّا البلاغيون فقد عَرَّفوه بأنه :"طَلب الكف عن الفعل على وجه الاستعلاء, وليس له صيغة إلا واحدة وهي المضارع المقرون بلا الناهية, كقوله تعالى:"لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا", ويكون مدلوله طلب الكف عن الفعل فوراً .
صيغته
لا الناهية:
وتسمى بـ"لا" الجازمة, وتَختصُ بالدخول على الفعل المضارع فتجزمه وتحوله للاستقبال, ودخولها على المضارع يكون للنهي, سواء للمخاطب. كقوله تعالى :"وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا", أو لنهي الغائب كقوله تعالى :"ولاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء", فـ(لا) ناهية جازمة.
وزَعمَ بعض النحويين أن (لا) أصلها لام الأمرDiwan al-Shab al-Zarif , وزيد عليها حرف الألف فانفتحت , أمَّا السهيلي فأشار إلى أنها (لا) النافية, والجزم بعدها بلام الأمر مضمرة قبلها, وحذفت كراهة اجتماع لامين في اللفظ.
فـ(لا) الناهية موضوعة لطلب الترك, كقوله تعالى:"لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً", وقوله: وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ", إذ أن من أساليب العربية أن ينهى الفاعل والمراد غيره, مثل: (لا أرينكَ ههنا), فقد نهى المخاطب عن رؤيته.
وقد يخرج النهـــي كما في الأمر إلى معنى مجازي, كالإرشاد والالتماس, والتمني, والتوبيخ, والكراهة, وبيان العاقبة, والتهـــديد, والــدوام, والتئييــــــس, فكل منـــــــــــــها اقترنت بلا الناهية, وما يَدلُّ معناها إلى مجاز غير معناه الحقيقــــي, ومنها قول الشاعر:
لا تُخْفِ ما صَنَعَتْ بِكَ الأَشْواقُ واشْرَحْ هَوَاكَ فَكُلُّنا عُشَّاقُ
فـ(لا) ناهية جازمة, اقترنت بمضارع وجزمته, إذ خرج معنى الكلام إلى المجاز وهو الالتماس, وقوله:
لا تجزَعَنَّ فَلَسْتَ أَوّلَ مُغْرَمٍ فَتَكَتْ بِهِ الوَجْنَاتُ والأَحْدَاقُ
دلَّ المعنى على الالتماس, وهي جملة نهي, وصيغتها (لا الناهية مع المضارع المجزوم).
وما يدل على الإرشاد والنصح, قوله:
لا تعتبوه فما أبقى الغرامُ لهُ مِنْ سَمْعِهِ ما بِهِ يُصْغي لِمَنْ عَتِبا
ف(لا تعتبوه ) نهي بمعنى النصح, إذ ينصح لمن يريد يُعاتِب العاشق بعدم الاقتراب له, فانه لم يستَطع السمع لمن عتبا, ومنه قول الشاعر:
وَلاَ تَسْأَلُوا عَمَّنْ هَوَيْتُ فَإنَّني أَغَارُ عَلَيْهِ أَنْ أَبُوحَ بِذِكْرِهِ
(لا) ناهية, جاء بعدها مضارع مجزوم, ومعناه النصح وهو معنى مجازي.
وقصد به التيئييس, كقول الشاعر:
لا تغتررْ بالزورِ منْ فعلهِ كَمْ فَاتِكٍ تَحْسَبُهُ نَاسِكَا
وقوله:
يــــا قمراً رأيته في مأتم من حزنه شقَّ على شقيقه
لا تلطم الخد عليه أسفا فربمــــا شقَّ على شقيقــــــــــه
(لا تلطم) نهي خرج من معناه الحقيقي إلى المعنى المجازي وهو الكراهة.