ما هو السلوك الصحيح للوالدين لتربية اطفالهم؟
تعتبر الخلافات وعدم التوافق بين الاب والأم من أخطر الحالات التي تؤثر على طبيعة النمو النفسي السليم للأطفال لذلك يجب على الوالدين التقيّد والالتزام بقواعد سلوكية واضحة تساعد الطفل على ان ينشأ نشأة سليمة وتوازن نفسي.
- اتفاق الوالدين على نهج تربوي معين
ان اتفاق الوالدين على النهج التربوي الواجب ممارسته مع الطفل وتوحيد اهدافهما يلعب دورا مهما في نمو الطفل نموا انفعاليا سليما وتجعل الطفل يتكيف اجتماعيا فاتصالهما ببعضهما ومراجعة تقويم ما يجب ان يتصرفا به تجاه سلوك الطفل تجعل الطفل على قناعة بوجود انسجام وتوافق بين ابويه. وهنا يشعر الطفل بالحب والاهتمام من قبل والديه الامر الذي يسهل عملية الاتصال به وبالتالي يسهل اخذ النصائح والتوجيهات التي يطرحها والداه اليه والالتزام بها.
اختلاف السلوك
اما اذا كانا مختلفي السلوك والنهج في التعامل مع الطفل فسيؤثر على حالة الطفل النفسية وقد ينشأ اضطراب نفسي. فعلى سبيل المثال لو ان هناك طفلا في السن الخامسة مثلا وأراد ان يشدَّ انتباه والديه فيقوم باستخدام كلمات اخية الصغير اذا أراد حاجة ما . فتفهم الام ما يريده وتتصرف في أن تلبي طلبه بينما الاب يتصرف بشكل مغاير فيلجأ الى توبيخه على استخدام تلك العبارات التي لا تناسب عمره. وهنا يقع الطفل بين حالتي جذب وتنفير، فالطفل يرى علامات الرضى من قبل امه بينما يرى من الاب علامات الكره وعدم الرضا لهذا السلوك وبمرور الوقت ينشأ عند الطفل حالة من الاضطراب النفسي وبالتالي تظهر حالات عدم الاستقرار ويتجنب الاقتراب من والده وتنشأ حالة من التخوف منه.
-
الاتصال بين الوالدين والطفل
ان تواصل واتفاق الوالدين والتفاهم سيساعد على رسم خطة متفق عليها فيما يريدانه من الطفل ان يسلكه من سلوكيات وتصرفات. فإذا اراد الوالدان أن يحس الطفل بأن عليه احترام ما تم الاتفاق عليه من قبل الابوين يفضل ان يشاركاه حين يضعا قواعد السلوك الخاصة به فهذا الاجراء يقود الى استشعار الطفل انه قد اسهم في صنع القرار.
وحين يتمرد أو يخرج الطفل عن تلك القواعد فلا ينبغي على الوالدين ان يصفاه بالطفل السيئ بل توجه التهمة الى سلوكه السيئ وليس الى شخصه لكي لا يحس ان شخصه مرفوض مما يؤثر على نمو شخصيته وتكيفه الاجتماعي مستقبلا. وحين يقر هذا النظام لابد من تكراره والتذكير به والطلب من الأطفال ان يكرروه بصوت مسموع.
- كيف يعطي الوالدان اوامرهما الفعّالة
حين تنادي على طفلك باسمه تليه عبارة ارجوك او من فضلك فهذا يعني انك تطلب منه طلبا مثال ذلك (مريم. ارجوك اجمعي لعبك الملقاة على الأرض وارفعيها في مكانها) أما اذا تقول لها (مريم .. تعالي الى هنا... علقي ملابسك التي رميتيها على الأرض) هذا يعني انك تعطيها امرا..
اوامر حازمة
يستوجب على الوالدين إعطاء أوامر حازمة وواضحة خاصة ازاء سلوكيات غير مقبولة تنافي السلوك الحسن. وحين تقرر الام او يقرر الاب فما على الأولاد الا تنفيذ الامر دون تباطؤ او تلكؤ وهذا مؤشر للحزم في اتخاذ القرار.
-
متى يعطي الوالدان او أحدهما أوامره للطفل؟
يستوجب عند التعامل مع الطفل ان لا تعطى له أوامر اعتباطية لأي حالة تصرف او عمل يقوم به الطفل انما تعطى الأوامر عند الحالات المهمة والتي يرى الابوان انها تعكس اثارا سلبية على سلوكية وشخصية الطفل. ومن الحالات المهمة والتي يجب التأكيد عليها هي:
- عندما يريد احد الابوين او كلاهما من الطفل ان يتوقف عن الاستمرار في سلوك غير مرغوب به، ويعتقدان انه سيعصي ما طُلب منه ان يكف عنه.
- عندما يريدان من الطفل ان يظهر سلوكا معينا ويُظن انه سيعصي ولا يطيع لو التمس منه او طلب منه ان يظهره.
يقدم لكم موقع مرتوى مثالاً تطبيقياً في كيفية إعطاء الأوامر
لنفترض أن احد أطفال العائلة واسمه (قيس) يتصف بالحركة والصعوبة في قيادته ووجد انه يقفز على مقاعد غرفة استقبال الضيوف وطلب منه الكف عن هذا اللعب التخريبي ولكي يصدر الا أوامره فما عليه إلا اتباع الأسلوب الآتي:
- قَطبْ حاجبيه وإظهار العبوس على وجهه
- النظر اليه بنظرات حادة تعبر عن حالة الغضب والاستياء
- تثبيت النظر في عيني الطفل ويناديه باسمه (قيس)
- اعطاء امر حازم وبصوت قاس كأن يقول مثلا: "قيس.. انت تقفر على المقاعد وهذا خرق للنظام في البيت. كف عن هذا العمل فورا ولا تقل أي كلمة".
- ليكن الامر واضحا ولا يطرح بصيغة تعليق غير مباشر فمثلا يقول له (ليس من المستحسن ان تقفر على المقاعد او مثلا تقول له بصيغة سؤال: "لماذا تقفز على المقاعد؟".. لأنه وفي كل الاحوال سيكون الرد بعدة تبريرات وتمنح له الفرصة لاختلاق الاعذار. لذلك فان القول الحسم سيقطع جميع التبريرات والتفسيرات.
- حين يجد الاب او الام أن الطفل قد تمادى في سلوكه وتجاهل الأوامر وهناك اصرار على تنفيذ الامر فلا يجب عليهما اللجوء الى الضرب او التهديد لكي يشعرا طفلهما انهما مصران على ان ينفذ الامر. هذا رد فعل ربما يعقد الموقف اكثر وربما يصر الطفل على تماديه في تجاهلك وتحديه. ان افضل حل هو حجزه في مكان ما في البيت لمدة معينة.
- الانضباط والحب معا
بعض الآباء لا يمتلكون وعيا كافيا في الاخذ بالانضباط لتعليم أطفالهم على السيطرة على ذاتهم وعلى انتهاج السلوك المقبول وحين يتلق الطفل الحب والانضباط من جانب الوالدين سيتعلم احترام ذاته والسيطرة عليها وبالتالي يتعلم السلوك الحسن المقبول.
الأسباب التي تحول دون تبديل الآباء والأمهات من سلوكهم تجاه أطفالهم
- فقدان الامل واليأس من قبل الوالدين او احدهما والشعور بالعجز والتصرف السيئ المتخبط في المزاج والسلوك. فتسمع مثلا ام تشكو دائما من تصرف وسلوك ولدها وتتحدث عنه أينما سنحت لها الفرصة في الحديث إلا انها لم تحاول يوما ان تحد من سلوك ولدها ولم تأمره يوماً عن الكف عن اعماله وتصرفاته غير المقبولة فكان موقفها سلبيا متفرجة دائما.
- بعض الآباء لا يستطيعون التصدي واثبات مركزيتهم فهم لا يمتلكون الجرأة ولا المقدرة على التصدي لولده لأنه لا يتوقع من ولده الطاعة والالتزام. وولده يعلم ذلك ويعرفه. بعض الإباء ينتابهم خوف بفقدان حب ولده له اذا لجأ الى اجباره على امر يكرهه.
- الأب الذي لا يتصدى ولا يؤكد ذاته مثل هذا الأب لا يمتلك الجرأة ولا المقدرة على التصدي لولده. وإنه لا يتوقع من ولده الطاعة والعقلانية، وولده يعرف ذلك، وفي بعض الأحيان يخاف الأب فقدان حب ولده له إن لجأ إلى إجباره على ما يكره.
- ضعف في همة وحيوية وقوة الوالدين او أحدهما فلا يملكان القوة في التصدي لسلوك واستهتار ولدهما.
- أحيانا يشعر الاب او الام بالإثم والخطيئة نتيجة سلوك ولدهما ويرون انهما المسؤولان عن سلوك طفلهما المشين فتشعر الام او يشعر الاب بالإثم مثل هذه المشاعر تمنعها من اتخاذ أي اجراء تأديبي تجاه ولدهما.
- بعض الآباء يتصفون بالعصبية والغضب فلا يستطيعون ضبط انفعالاتهم فنجد انهما ينتابهما غضب شديد وانفعال وهما يؤدبان ولدهما بسبب سلوكه الطائش لكن بعد ذلك يكتشفان ان ما يريده الطفل او يطلبه امر مقبول.
- اعتراض الاب على زوجته من تأديب ابنها او بالعكس لذلك لابد من تنسيق العملية التربوية باتفاق الأبوين على الأهداف والوسائل المرغوبة الواجب تحقيقها في تربية الأولاد، ويجب عدم الأخذ بأي رأي أو نصيحة يتقدم بها الغرباء لا تتوافق مع ما تم الاتفاق عليه من قبل الزوجين.
- من اخطر المشاكل والتي تؤثر على شخصية وسلوكية الطفل هي المشاكل الزوجية والتخاصم بين الزوجين فالتخاصم سيؤدي الى اهمال مراقبة ومتابعة سلوك الأولاد وتترتب على نفسية وشخصية الطفل آثار سلبة جدا. لذلك يجب ان يكون هناك مرشد تربوي يقدم العون والإرشاد للوالدين وان يعود للأسرة جوها التربوي السليم.