أنْ المخففة من الثقيلة
تخفف (إنَّ) إلى (إنْ)، وهي مهملة ويقل إعمالها، وللتفريق بين (إنْ) المخففة مع (إنْ) النافية، تتصل اللام الفارقة في خبر جملة إنْ المخففة، وفي حذفها سيرد اللبس واضحًا بين (إنْ) المخففة والنافية، نحو: أنْ زيدٌ لقائمٌ، فلحق الخبر اللام الفارقة (التي تفصل بين المبتدأ والخبر).
أمّا في جملة (إنْ زيدًا قائمٌ)، فأنْ هنا نصبت الاسم ورفعت الخبر وهذا قليل.
كما في قول الشاعر:
ونحن أباة الضيم من آل مالكٍ وأنْ مالكٌ كانت كرام المعادن
إذ ترك الشاعر لام الفارقة التي تصحب خبر (إنْ)، فهي مخففة من الثقيلة وليست نافية.
يأتي بعد (إنْ) المخففة من الثقيلة الأفعال الناسخة، وهي: (كان وأخواتها، كاد وأخواتها، ظن وأخواتها)، كقوله تعالى: "وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ"، وقوله تعالى "وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ"، وقوله تعالى " وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ".
ويقل أن يأتي بعدها الأفعال غير الناسخة، كقول بعض العرب: "إنْ يزينك لنفسك، وإنْ يشينك لهيه"، وقولهم: "إنْ قنعت كاتبك لسوطًا"، ومنه قول الشاعر:
شلت يمينك إنْ قتلت لمسلمًا حلت عليك عقوبة المتعمد
(إنْ قتلت لمسلمًا)، جاء بعد (إنْ) المخففة من الثقيلة فعل ماضٍ غير ناسخ وهو "ناسخ" وهو شاذ.
عند تخفيفها إلى (أنْ) تعمل، كما في قولنا: علمت أن زيدٌ قائمٌ
يكون اسم (أنْ) ضمير الشأن محذوفًا، والتقدير: علمت أنْه زيدٌ قائمٌ.
وبذلك (أنْ) تعمل دائما، اسمهار ضمير الشأن محذوف وجوبا، وخبرها يكون جملة، (زيدٌ قائمٌ)، والمبتدأ والخبر في محل رفع خبر لـ(أنْ) المخففة.
وقد يأتي اسمها واضحًا وبارزًا وهو غير ضمير الشأن، كقول الشاعر:
فلو أنْك في يوم الرخاء سألتني طلاقك لم أبخل وأنت صديق
(أنْك) حيث خففت (أنْ) المفتوحة الهمزة، وبرز اسمها وهو الكاف وهذا قليل.