محتويات
يكون الفعل الثلاثي مزيداً إما بحرف أو حرفين أو ثلاثة.
1- (أفعَل): زيادة همزة القطع في أول الفعل، فصار (أفعَل) مثل: أخرَج – أكَرم – أشَار – أوفَى(1)، ومن أهم المعاني التي يَدلَّ عليها هذا البناء:
أ- التعدية: ويَقصدُ به تحويل الفعل اللازم إلى متعدٍ، مثل: أجلَست الضَيف، وأقمت الصَلاة، ومن هذه الأفعال: أنكَرت، وأنعَمت، وأمنَت، وأغنَت وأشرَقت، وغيرها من الأفعال المتعدية، وكقول الشاعر:
صَهْباء كَمْ نَهَبَتْ نُهىً وَصِيانةً منا وأعطتْ صبوةً وتطرُّبا
فـ(أعطَت) فعل تعدى بالهمزة.
وقوله:
أخجلت بالثَّغرِ ثنايا الأقاحْ يا طُرَّةَ اللًّيلِ وَوَجْهَ الصَّباحْ
(أخجلت) من الفعل (خَجَل) ودَخلَت عليها الهمزة للتعدية، وقوله أيضا:
تأَنّ فَلَوْ أَرْسَلْتَ سَهْمَكَ في الصَفّا غدا مارقاً من كل صمَّاء جلمدِ
فالفعل (أرسَلَت) متعدٍ بالهمزة.
ب - (بمعنى فَعَلَ): كأحزَنه، بمعنى: حَزنه، واشغَله، بمعنى شغله، وأحبّه بمعنى حبّه ، ومن هذه الأفعال في قول الشاعر:
إذا أَسفرنَ فانكسرت عُيُونٌ لهنَّ فتكن فانكسرت قُلُوبُ
فالفعل (أسفر) بمعنى (سفرَ), وهي همزة (فَعَلَ وأفعَلَ).
ت- (الصيرورة): أي تحولها إلى حال لم تكنْ عليه، مثل، أثمَر الزرع، وأطفلت المرأة، ومثال الصيرورة في شعره:
غصنٌ سقتْهُ أدمعي ثم ما أثمر لمّا مالَ إلّا الملال
فالفعل (أثمر) يفيد التحول بمعنى صار مثمراً.
ث- الدخول في الزمان والمكان: وذلك مثل: أصبح، بمعنى انه دخل في وقت الصباحDiwan al-Shab al-Zarif، وأمسى: دخل في وقت المساء، ومصر، أي دخل في مصر، وأصحر، دخل في الصحراء، وأبحر: أي دخل في البحر وأبحر، ومن ذلك قول الشاعر:
وَحُسْنُكَ أَقْبَلَ فِي جَحْفَلٍ فَلِمْ فِيكَ أَضْحَى فَريداً غَريباً
فـ(أضحى) أي دَخَلَ في وقت الضحى.
وقول الشاعر أيضا:
فَقَدْ أَصْبَحْتُ لا أَمْلِ كُ من صَبري وَلاَ ذَرَّهْ
(أصبحت), بمعنى دَخَل في وقت الصباح, وقوله:
وسَالِحينَ وما زالتْ طَهارَتُهُمْ وآمِنينَ وَقَدْ أَمْسُوا ذوي خَطَرِ
(أمسوا), دخل في المساء.
ج-المبالغة: فمن دلائل هذا البناء هو المبالغة, منها قول الشاعر:
فعرفتُ عرفهمُ به لكنَّني أَنْكَرْتُ صَبْراً عَنْ عُهُودي نَكَّبَا
فالفعل (أنكَر), مزيد بالهمزة, ودلَّ على المبالغة في التنكير, وقوله:
لِحاظُ الظِبَا تَحْكِي الظُبى في المَضارِبِ على أنها أَمْضَى بقطع الضّرائِبِ
فـ(أمضَى) مزيد بالهمزة,ودلَّ على المبالغة في معناه.
2- (فَعَّل):
أ-التكثير: ويَدلُّ على الكثرة والمبالغة, مثل: طَوَّف, أي انه أكثر الطَواف, وقَتَّل, أكثر القَتل, وغَلَّق و ذَبَّح ومَوَّت وإلخ..., من هذا قول الشاعر:
قال الحبيبُ معاتباً لي في الهوى صبّرت قلبك إذ صدُّوا وإذ هَجَروا
(صَبّرت) دلالة التكثير.
ب- التعدية: وهي إحدى دلائل هذه البنية التي عَرَفها الصرفيون, منها قول الشاعر:
بعثت لنا خطّاً يُشرّف ناظراً وفي ضمنهِ لَفظ يشنِّف مسمعا
فكل من الفعلين (يُشرّف, ويُشنِّف), أفعال متعدية, من شَرَّف –يُشرِّف, وشَنَّف- يُشنِّف, وقوله:
وعانقتُهُ وخَلعْتُ العِذارَ وَمَزَّقْتُ ثَوْبَ الحَيَا والخَجْل
(مَزَّقت), فعل متعدٍ بالتضعيف وهو من مَزَّق- يُمَزّق.
ت- بمعنى (فَعَل): إذ يأتي (فَعّل) مثل(فَعَل) من حيث المعنى, ومن هذه الأفعال, مثال (فَعَلَ) و(فَعَّلَ) بمعنى واحد في شعره:
مَنْ كَحَّلَ المقلةَ السوداء بالدَّعَجِ وخضَّبَ الوجنةَ الحمراءَ بالضَّرَجِ
فالفعلان (كحَّل) و(خضَّب) كل منهما بمعنى فعله الثلاثي (كَحَلَ) و(خَضَبَ).
ث- التوجه: وذلك مثل: شَرَّقَ, أي توجه نحو الشَرق, وغَرَّب أي أنه توجه غَرباً.
ج- اختصار الحكاية: أي اختصار حكاية المركب، مثل: كَبّر وهَلَّل وحَمَّد وسَبَّح.
ج- عَملُ شيءٍ في الوقت المكون من الفعل، مثل: مسَّى.
وهناك دلالات أخرى لهذه البنية، منها ما يَدلّ على نسبة المفعول إلى أصل الفعل، مثل كَذَّبته وفَسّقته، ومنها ما يَدلّ على السلب، مثل: قردت البعير وقشّرت الفاكهة، ودلالته في أن الفاعل يشبه ما أخذ منه الفعل، مثل: قَوَّس ظهر علي، أي أنه انحنى حتى صار يشبه القوس، وغير ذلك من الأمثلة.
3-(فَاعَل):
بزيادة الألف بعد الفاء، والمضارع منه (يُفَاعِل) بضم حرف المضارعة، أمّا الأمر فهو (فاعل)، مثل: سَامَح – يُسَامِح – سَامِحْ، سَاوَى – يُسَاوي – سَاو، ولها معانٍ منها:
أ- المشاركة: فان فَاعل يأتي للاشتراك في الفاعلية والمفعولية مثل: ضَارب زيدٌ عمراً، فان كل من زيد وعمر من جهة المعنى هما فاعل ومفعول؛ لان كل واحد منهما فعل بصاحبه ما فعل به الآخر له، ومثل ذلك يقول الشاعر:
وأنتَ اكسبتني رأياً غنيتُ به عَنْ أَنْ أُكابِدَ مِنْ هَوْلِ التّجارِيب
فالفعل (أُكَابِد) من الفعل (كَابد)، وقوله أيضا:
وَيُمَارِسُ الدُّنْيَا بِهِمَّةِ مَنْ يَرى أيامها - شرفاً - لوقعِ نصالهِ
فـ(يُمَارِس) من الفعل (مارسَ) على وزن فَاعَل دَلَّ على المشاركة.
ب- المتَابعة (الموالاة): ويكون معناه بمعنى (أفعَل) المتعدي، ودلالته في عدم انقطاع الفعل، مثل: تابعتُ الدرس، ومثل: واليتُ العمل(، وذلك كقول الشاعر فيه:
أُحَاذِرُ طُولاً مِنْ ذُؤَابَةِ شَعْرِهِ فَقَدْ وَصَلتْ مِنْ قَدِّهِ لفُؤَادِي
فعله الماضي (حاذرَ) بوزن فاعَل دال على الاستمرار.
ت- بمعنى فَعَل، مثل جَاوزتُ الشيء وجزتَه، وواعَدتُ زيداً ووعدَتَه، وغيرها، ومثله قول الشاعر:
وقفتُ بطرفي والدُّموعُ تُذيبهُ أُشاهِدُ قَلبِي والغَرَامُ يَجُذُّهُ
الفعل (أشاهد) ماضيه (شاهدَ) المزيد بالألف, فالثلاثي منه بمعناه نفسه وهو (شَهِدَ).
ث - التكثير: مثل: ضَاعفتُ أجر المجتَهد، ومثله قول الشاعر:
ما بَالُ أَلْحَاظِكَ المرْضَى تُحارِبُني كأنما كُلُّ لَحْظٍ فارِسٌ بَطلُ
فالفعل (تحارب) ماضيه (حارب) المزيد بالألف دال على التكثير.
ويكون على خمسة أوزان، منها:
1- (انفَعَلَ): بزيادة الهمزة والنون، مثل: انفَطَر، ويأتي بمعنى المطاوعة دائماً، مثل: صَرَفته فانصَرَف، وقَسّمته فانقَسَم وسَكَبته فانسَكَب، ولا يُبنى هذا الوزن من غيره، أي من غير أن يَدلّ على علاج من فعل الثلاثي، فلا يمكن أن يُقال: عَرَفته فانعَرَف، ولاجَهَلته فانجَهَل، ولاسَمعته فانسَمَع، وكذلك مايَدلّ على معالجة، ولم يكن ثلاثياً فلا يُقال:أحكَمته فانحَكَم، ولا أكمَلته فانكَمَل، ولكنه شذّ في مثل فحَمته فانفَحَم، وأدخَلته فاندَخَل، ولايُبنى من اللازم خلافاً لرأي أبي علي الفارسي، الذي رأى انه قد يأتي من اللازم، مثل: مُنهَو، ومُنغَو، وخرجَ بذلك على أنه مطاوع أهويته وأغويته ، ومنها ما يقول الشاعر:
إذا أَسْفَرْنَ فانْكَسَرَتْ عُيُونٌ لَهُنَّ فَتَكنَّ فانكَسَرَتْ قُلُوبُ
فالفعل (انكَسَرت) من الأفعال العلاجية، من كَسرته – فانكَسَر على وزن (انفَعَل).
2- (افتَعَل): بزيادة همزة وصل مكسورة في أول الوزن والتاء بعد الفاء منه، ويكون مضارعه (يفتَعِل) بفتح حرف المضارعة، ويكون الأمر منه (افتَعَل) بهمزة الوصل المكسورة، مثل: انتَصَر – ينتَصِر- انتَصِرْ، واختَار – اختَرْ، ومنها قول الشاعر في معانٍ عدةٍ في (افتَعَل) المختلفة، منها:
أ- (الإتخاذ): مثل: اذَّبح، واطبَّخ، واشتّوى: أي انه اتخذ ذبَيحَة، وطَبخَاً، واتخذ شواء، كقول الشاعر:
أيا قمراً أعد عندي طُلوعاً وإلاَّ فاتخذ عندي مَغيبا
وقوله أيضا:
وإذا التقيتُ أو أتَّقيتُ ببأسكَ ال خطبَ المُلِمَّ وجدْتُ فيهِ نَجاتي
فكل منهما (اتَّخَذ) و(اتَّقيت) يدلّ على معنى الاتخاذ.
ب- التصرف باجتهاد ومبالغة: مثل: اكتَسِب، اكتَتِب، ومنه قول الشاعر:
وَبِحُبِّكَ اشْتَغَلَتْ حَوَاسِي مِثْلَمَا بِجَمَالِكَ امْتَلأَتْ جَمِيعُ جِهَاتي
وكذلك يقول الشاعر:
عجائبٌ ما لها حَدٌ فَقُلْ وَأَطِلْ إن شئت أو فاقتصِدْ في القولِ واقتصِرِ
فالبيت الأول دلّت الأفعال (اشتَغَلت وامتَلَأت) على الجهد وكل منهما على وزن (افتَعَل)، أمَّا البيت الآخر (فاقتَصِد واقتَصِر) دلّت على الطلب وكل منهما على وزن (افتَعَل).
ت- (الاختيار): مثل: انتَقَى، اصطَفَى، اختَار، وغير ذلك.. ، مثل قول الشاعر:
ورضاي أني فاعلٌ برضاك ما تَخْتَارُ مِنْ مَحوِي وَمِن إثْبَاتِي
وقوله:
فلو أنني خُيَّرتُ منْ دهري المُنى لاخْتَرْتُ طُولَ بَقَائِهِ وَخُلُودِهِ
فـ(تَختَار) و(اختَرت) أفعال دلّت على معنى الاختيار.
ث- بمعنى الفعل المجرد، كأقتَدر، وقدَر, واعتَذر، ومثله قول الشاعر:
إن صدَّ وأضحى للجفا يعتمدُ أو زال ودادُهُ الذي أعتقدُ
فالأفعال (يَعتَمد) و(اعتَقد) من اعتَقَد واعتَمَد للفعل المجرد.
ج- (بمعنى تفعَّل): مثل: ابتَسّم وتَبَسّم، وغيرها، مثل قول الشاعر:
يهوى بروق الحِمى لكنْ يُخالفها فكلما ابتسمت منْ جوِّها انتحبا
الفعل (ابتسم) بمعنى تبسَّمَ على وزن (تفعَّل) .
3-(تفعّل):
بزيادة التاء وتضعيف حرف العين، مثل: تَكبَّر، تَقدّم، تَوعّد، تَزكّى، وله معانٍ مختلفة، منها:
أ- المطاوعة: مثل: عَلّمته فتَعَلّم، ومن هذه الأفعال التي تدلّ على معنى المطاوعة، قول الشاعر:
فتذَلَّلتُ حينَ أبدى دلالاً وَرأى رُخْصَ أَدْمُعي فَتغَالا
فـ(تَذلّلت) أي انه اتَخَذ الذلّة حتى يُبدي حبّه، وهو على وزن (تَفعَّل).
ب- الإتخاذ: مثل: تَبَنيتُ الصبي، أي اتَخَذته ابناً، وتَوسدّت التراب، أي اتَخَذته وسَادة، ومن هذا المعنى قول الشاعر:
شغلت سواد عيونهم في شعرها وتوشحت ببياضهن الباقي
فالفعل (توشحّت) من (وّشّحّ) دلَّ على معنى المطاوعة.
ت- التَكّلف والإظهار: وهو محاولة فاعله بإظهار صفة معينة، ليست سجية له، مثل: تَشجّع الجبان، تَحلّم الغاضب، وتَصبّر المصاب وغيرها، ومن ذلك يقول الشاعر في هذا المعنى:
لا يعرف الفحشاء لا عن ركَّةٍ بل عن تكرمهِ وعن إهمالهِ
وقوله:
تَوَّهَم صَحْبي أَنَّ بِي مَسُّ جِنَّةٍ وأنكر حَالي صَاحِبٌ وَحَميمُ
فـ(تَكّرمه) و(تَوّهم) كلاهما على وزن (تَفعّل) ودلتا على التكّلف والإظهار.
ث- التَدّرج: يدلُّ (تَفعّل) على معنى التَدّرج، مثل: تَجرّع الماء، أي انه شَربَ الماء، جرعة بعد أخرى، ومثاله قول الشاعر أيضا:
أَظنُّ دِيَارَ الحيِّ مِنّا قريبةً وإلا فَمِنْهَا نَفْحَةٌ تَتَنَسَّمُ
فـ(تَتَنَسّم) مضارع (تَنَسَّم) على وزن (تَفعّل) وهي الرياح التي تَهبُ هبوباً رويداً وتدريجاً.
ج- الطلب: مثل: تَعظّم، وتَيقّن، أي انه طلب أن يكون عظيماً وذا يَقين، ومثل ذلك قول الشاعر:
تحكَّمْ بِما تهوَى فمَا أنا مائِلٌ وَلاَ عَنْكَ يُثْنِيني مِنَ الوَجْدِ لائمُ
فـ(تَحكّم) فعل دلَّ على الطلب.
2- (تَفاعَل):
وذلك بزيادة التاء والألف، مثل: تَبارَك، وهو من الأوزان المعروفة، والتي لها معانٍ متعددة، ومن هذه المعاني التي يختص بها هذا الوزن:
أ- الاشتراك أو المشاركة، مثل: تَضارب زيد عمرو، ومثل قول الشاعر:
لاَ يَدَّعِي العَاشِقُونَ مَرتَبَتي مَتَى تَساوَى التُّرابُ والذَّهبُ
وقول الشاعر:
وَكَمْ يَدَّعِي صَوْناً وَهذِي جُفُونُه بفترتها للعاشِقينَ تُواعِدُ
فالأفعال المزيدة بحرفين هنا، هما: (تَسَاوى) و(تَوَاعد) وهما على وزن (تَفَاعَل) وكل منهما دلّ على المشاركة.
ب- التظاهر: ويعني الادعاء بالاتصاف مع انتفائه عنه في الفعل، مثل: تَنَادَم، وتَكَاسَل، وتَجَاهَل وغيرها.. ، ومن هذا قول الشاعر:
فَلاَنَتْ لِي الأَعْطَافُ والخَصْرُ رَقَّ لِي وَلَكِنْ تَجَافَى الشَّعْرُ واثَّاقَلَ الرِّدْفُ
فـ(تَجَافَى) على وزن (تَفَاعَل) دلّت على التظاهر.
ت- المطاوعة: كتبَاعَد – مُتَبَاعِد، ومثل: ضَاعَفت الحساب فتَضَاعَف، ومثل قول الشاعر:
تداركه قبل البين فاليوم عهدُهُ وجُدْ مَعَهُ بالدَّمْعِ فالدَّمعُ جُهدُهُ
فالفعل (تدارك) على وزن (تَفاعَل) وهو يفيد معنى المطاوعة.
ث- بمعنى (فَعَل): ومنه يكون تَفَاعل بمعنى فَعَل وذلك مثل: تَوانَى ووَنَى، وتَعالى وعَلا وغيرها، ومن هذا قول الشاعر:
أيُّها العاتبُ ظُلماً حَسْبُكَ الله تَعَالَى
فالفعل (تَعَالَى) بمعنى فعله وهو (علا).
ج– التَدّرج: ومن دلالات (تَفاعَل) أيضا التَدّرج، وهو حدوثُ الشيء أو يَفعلُ شيئاً فشيئاً، مثل تَزايدَ المطر، وتَواردَت الأخبار، ومن ذلك قول الشاعر:
يَدُومُ عَلى بُعْدِ المزارِ بِحَالِهِ غَرامِي وَيَقْوَى إنْ تَدانى بِهِ القُرْبُ
فـ(تَدانَى) من الفعل (دَنَى)، فيدلّ على التَدّرج في الفعل والتَدني، وقول الشاعر أيضا:
فكم يتجافى خصرُهُ وهو نَاحِلٌ وَكَمْ يتَحَالَى رِيقُهُ وهْوَ بارِدُ
فكل من الفعلين (يَتجَافى) و(يَتحَالى) يدلان على التَدّرج في المعنى، من جَفَى – تَجَافى، وحَلَى – تَحَالى، وهما على وزن (تَفاعَل).
وللثلاثي المزيد بثلاثة أحرف في لغة العرب أربعة أوزان، وهذه الأوزان الأربعة جميعها تبدأ بالهمزة، منها: استَفعَل، افعَوعَل، وافعَوّل، وافعَالّ، ونأخذ مثالا من هذه الاوزان وهو استَفعَل، المزيد بالهمزة والسين والتاء، ومن أهم المعاني التي عُرف بها:
أ- الطلب: مثل: استَغفَر، استَعَان، واستَطعَم، أي سَأل الغفرَان، والإعانة، والإطعام، ومنها قول الشاعر:
هُوَ الصَّبْرُ أَوْلَى ما اسْتَعَانَ بِهِ الصَّبُّ لولا تجنِّي الحبِّ ما عَذبَ الحُبُّ
فـ(استَعَان) للدلالة على معنى الطلب والاستعانة.
وقول الشاعر أيضا:
ما استعرضَ جيشَ حُسنِهِ عَارِضُه حَتَّى جَعَلَ الطَّرْفَ لَهُ غَمَّازَا
فـ(استَعرَض)، دلَّ على معنى طلب العرض، على وزن (استَفعَل).
ب- بمعنى وزن الفعل الثلاثي: مثل، قرّ في المكان واستَقَّر، وأنسَ واستَأنس، هَزأ به واستَهزَأ، ويَئسَ واستَيأس وغير ذلك من الأفعال، ومن ذلك قول الشاعر:
وَبِسِرِّكَ اسْتَأْنَسْتُ حَتَّى أَنَّني لَمْ أَشْكُ عَنْكَ تَغرُّبي وشَتاتي
(استَأنَست) من الفعل أنسَ من معنى الفعل الثلاثي، وقول الشاعر:
وَتَسْتَـقرُّ العُيُونُ إنْ نَزَلُوا وتَسْتَقرَّ القُلُوبُ إنْ رَكِبُوا
فـ(تَسْتَقرَّ) من الفعل قرَّ من معنى الفعل الثلاثي.
ت- المطاوعة، مثل: أحكَمتَه- فاستَحكَم ، ومن ذلك قول الشاعر:
لَمَّا حَكَمَ الزَّمانُ بالتَّفْرِيقِ واستبطنَ ناديهمْ ظهورَ النوق
فـ(استَبطَن), دلالة على المطاوعة.
ث-الإغناء عنه، مثل: استَحيَا، واستَأثَر، مثل قول الشاعر:
وناظراً بتُّ في تسهيدهِ قلقاً ألُومُهُ ثُمَّ أستحيي فاعتذرُ
فـ(استَحي) دلّت على معنى الإغناء، وهو على وزن (استَفعَل).
وهناك دلالات أخرى لهذه الأوزان، مثل: المبالغة، والتحوّل، والوجود والاتخاذ وغيرها، إلا أن هذه الأفعال التي وجدت دلّت فقط على المعاني السابقة.