جاء في لسان العرب "الإعراب والتعريب معناهما واحد"، وهو الإبانة يقال "أعرب" عن لسانه وعرب أي: أبان وأفصح، وإنما سمي الإعراب إعرابا لتبينه وإيضاحه هذا يقال للرجل الذي افصح بالكلام: أعرب وعربت معدته.. بالكسرة عربا، والعربة والعروب: كلتاهما المرأة الضاحكة: وقيل هي المتحجبة الى زوجها المظهر له ذلك.
تغيير أحوال أوآخر الكلم؛ أي: تحوُّلها من الرفع إلى النصب أو الجر أو الجزم، وقد عرفه بعض المتأخرين الذين تأثروا بالدراسات بقوله: "نعرف الإعراب بأنه مورفيم من المورفيمات التي تدل على المعنى الوظيفي للكلمة بالنظر إلى معاني الكلمات الأخرى التي تتكون منها الجملة وهو نوعان:
والإعراب ميزة للعربية، وهو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ، وبه يعرف الخبر الذي هو أصل الكلام، ولولاه ما ميز بين فاعل من مفعول، ولا مضاف من منعوت، ولا تعجب من استفهام، ولا صَدْر من مصدَر، ولا نعت من تأكيد، فالإعراب خاصية اختصت بها اللغة العربية ولا يمكن أن يفارقها لأن المعاني متوقفة عليه. وللكلمة عندما تكون معزولة عن الجملة معنى جزئي وهو دلالتها المعجمية، وهو معنى عام. وإذا انضمت الكلمة إلى غيرها وفقا لنظام التركيب في اللغة كان لها معنى إضافي نابع من وجودها في التركيب، وتَحَقَق في الكلمة الإعراب الفعلي، فإن السواد الأعظم من النحاة يقولون بدور العلامة الإعرابية في الجملة بأنه الإبانة عن المعاني، وإزالة اللبس والفرق بين المعاني المختلفة، قد علم أن الألفاظ مغلقة على معانيها حتى يكون الإعراب هو الذي يفتحها، وقد بَيَّن الزجاجي هذه المعاني هي كون الأسماء فاعلة ومفعولة أو مضافة أو مضافا إليها جعلت حركة الإعراب تنبئ عن هذه المعاني.
إن الإعراب أصل أصيل في اللغة العربية، وليس دخيلاً كما يذكر المستشرقون وخدامهم، وأن القرآن الكريم نزل معرباً، وليس الإعراب دخيلاً عليه بها بعض لشيء لغرض البيان والتوضيح، ومن الأمثلة على الدلالات على الإعراب، وهي:
1- أسلوب المفعول معه : "ما زال خالد وزيداً حتى كتب الرسالة"، ضبط " زيداً " بالنصب يعني أن خالداً استمر في دفع زيد إلى الكتابة حتى كتب، وضبطه بالرفع يوهم أن الاستمرار منهما معاً.
2- أسلوب ظروف الزمان والمكان، نحو:" سحر، وبكرة، وغدوة "، فمثل هذه تُضبَط بالنصب من غير تنوين إذا أُريد بها سحرُ يومك الذي أنت فيه ... وبالتنوين إذا أريد سحرُ يومٍ غيرِ معين.
3- أسلوب الحال مثل :" تكلم مرشداً" ، إذا ضبطتَ "مرشداً" بالنصب كانت حالاً ، وإنْ ضُبطَتْ بالرفع صار المعنى : أن. ومثله :" زيد كاتباً أفضل منه شاعراً "، فالكلام على زيد في حالتين من حالاته .
4- أسلوب التمييز في مثل:" فاطمةُ أكرم أماً، وأشرف زوجاً" المدح موجَّه إلى زوج فاطمة وأمِّها، فإذا جررْتَ، بأن قلت: أكرم أمٍّ وأشرفُ زوجٍ، صار المدح منصبّاً على فاطمةَ نفسِها باعتدادها الأشرفَ والأكرم، وكذلك قولك: "كم كتاباً عندك "؟ إذا نصبت " كتاباً " كان الكلام استفهاماً، وإن جررْتَ، بأن قلت: كم كتابٍ عندك! صار الكلام إخباراً بكثرة ما عندك من الكتب، وكذلك قولك: عندي حُبٌّ عسلاً .
فالنصب يعني أن عندك من العسل ما يملأ الحُبَّ الذي هو وعاء العسل، فإذا أضفتَ، بأن قلت: عندي حبُّ عسلٍ، صار المعنى أن عندك وعاءَه، وليس هناك ما يقطع بوجود عسل أو عدمه.
5 - أسلوب الاستثناء في نحو :" ينجح المستذكرون غير َالمُرهَقين"، رفع غير يعني أن المستذكرين الذين ليسوا مرهقين ينجحون، ونصبها يجعل المعنى أن المستذكرين سينجحون إلا المرهقين منهم، ففي رفع "غير" لم يقطع على المرهقين بشيء، وفي نصبها حُكْمٌ جازم بأن المرهقين لا ينجحون .
6- في قولك :"منحاً زيدا، وقولاً الحق"، إذا استُعمل من غير إعراب التبس بالأسلوب الخبري، وظُنَّ احتياجُه إلى خبر أو مبتدأ .
7- في المفعول لأجله، نحو :"جد شكراً، وضربتُه تأديبَه، لا أقعد الجبن" استعمالها دون إعراب يُبهم المعنى، فلا يُفهم إلا بتعديل، كأن يقال: جد لتشكر، أو من أجل الشكر .
8- أسلوب التعجب في مثل :" ما أحسن الشباب، يا رجال"، ضبط الشباب بالرفع يجعل الكلام نفياً لإحسان الشباب، أو استفهاماً عن الشيء الذي أحسنه الشباب، ورفع أحسن وجر الشباب يجعل المعنى استفهاماً عن الشيء الحسن في الشباب: أهو القوة أم العلم؟ وفتح الاثنين معاً يجعل الكلام تعجباً من حسن الشباب .
9- أسلوب النداء في نحو:" يا رجل، تحمَّلْ مسؤوليتك"، بضم رجل يكون الكلام موجها للمخاطَب خاصة، فإذا قيل بالنصب كان عاماً موجهاً إلى كل من يصدق عليه أنَّه رجل، وكذا قولك: يا عمر، أين أنت ؟ ترْكُ الإعراب يحتمل النداء والندبة " يا عمرا " فيلتبس المراد.
10- أسلوب التحذير والإغراء في نحو:" الأسدَ والنمرَ"، النصب يعني التحذير، والرفع يعني الإخبار مع تقدير كلام، وكذلك: "الجد الجد" النصب يعني لإغراء، والرفع يتيح الإخبار كقوله: أنا أبو النجم، وشعري شعري .
11- أسلوب الاختصاص في نحو: "نحن العراقيين مرابطون للذود عن الإسلام "، النصب يعني اختصاص العراقيين بالمرابطة، والرفع يُضِيعُ معنى الاختصاص .
12- في قولك: "زيد متطبب ماهر" رفع "متطبب" يعني وصفَه بالمهارة من حيث هو طبيب، دون نفي مهارته في مجالات أخرى، وضبطه بالنصب يعني أن انصباب المهارة عليه مقيد بهذه الصفة، وكأنه في غيرها ليس كذلك .
13- "بكم ثوبُك مصبوغ؟ " في رفع "مصبوغ" ينصَبُّ على صبغ الثوب، وفي حالة نصبه يصير التساؤل عن ثمن الثوب نفسه وهو مصبوغ .
14- "الجو حار"، تجريد العبارة من الإعراب لا يعطي إلا الإخبار عن الجو بأنه حار، وعند نصب الكلمتين تعطي الجملة معنى التحذير من الجو في حال حرارته، بينما ضبط الأولى بالرفع والثانية بالنصب يجعل الأسلوب صالحاً لأن يكون جواباً على تساؤل عما تسبب في خير كنضج فاكهة، أو شر كتلف مال أو نفس، فيُنْسَب ذلك إلى الجو في حال حرارته .
15- "أناقص المال "؟ ضبط "المال" بالنّصب موجه إلى المخاطب هل سيَنْقُص هو المال ؟ وفي حال الرفع يكون التساؤل عن نقص المال: أهو واقع أم لا ؟ لأن الفعل هنا يستعمل لازماً وتعدياً .
16- "أنت مضيع ود أخيك" تنوين "مضيع" ونصب "ود" يعني أن ذلك سيحدث مستقبلاً، وجر "ود" بالإضافة، مع عدم تنوين "مضيع" ، يعني أن ذلك قد وقع من قبل .
17- "ارم خالد" بناء خالد على الضم يجعله منادى مأموراً بالرمي ، وضبطه بالنصب يجعله مفعولاً به فيكون رامياً في الجملة الأولى مرمياً في الثانية.
18-"هذا الضارب الظالم" نصب الظالم يفيد أن الضرب واقع عليه، وأن المشار إليه هو الذي ضرب الظالم، ورفع الظالم يعني: أنك تخبر عن المشار إليه بأنه ضارب ظالم .
19- أسلوب واو المعية، في نحو: "لا تظلم الناس وتنصحهم بأن يصبروا"، بنصب المضارع " تنصح " ينصَبُّ النهي على الجمع بين إيقاع الظلم والنصح بالصبر، وبجزمه تنهى العبارة عن الأمرين ولو غير مجموعين، وبرفع تنصح النهي عن الظلم وحده و النصح بالصبر مُتَاح .
20- أسلوب فاء السببية، في نحو: "وددت لو تزورني فأكرمك"، نصب أكرم يعني أن الإكرام مُسَبَّب عن الزيارة مُعَلَّق عليها، ورفعه يعني أنه يكرمه دائماً دون تعليق على الزيارة، لكنه بوده أن يزوره.
21- أسلوب "حتى"، في مثل: "جاهدت في صباي حتى أستريح في شيخوختي" رفع أستريح يكون عندما يقال هذا القول في سن الشيخوخة، فقائله يحكي عن حال حاضرة، وأنه مستريح الآن بسبب جهاده الماضي، والنصب يدل على أن الاستراحة غاية لطلب الوصول إليها مستقبلاً .
22- أسلوب الشرط، في مثل: "إن يتقدم خالد يعاون زيد أخاه"، ضبط "يعاون" بالجزم يثبت تعلق المعاونة على التقدم، وضبطه بالرفع يقطع التعليق ويحوج إلى تخريج .