الإبدال في اللغة


الكاتب: غفران اليوسف -

الإبدال في اللغة

الإبدال في اللغة العربية

"بَدّل الشيء: غيّرهُ وكذلك بَديلهُ"(1)، و"الإبدال: وتَبدله، وبه وأبدَله منه، وبدله منه: اتَخذَ منه بَدلاً"، أو "جعله موضوعًا عوضًا عن شيء "فأردنا آن يبدلهما ربهما خيرًا منه زكاةً وأقرب رحماً"، وإبدال (مفرد): مَصدر أَبْدَلَ"، وهو أيضا "بَدّل الشيء غَيّر صُورته، ويُقال بدّل الكلام حرف وبدّل بالثوب القديم الثوب الجديد".

الإبدال اصطلاحا

الإبدال يعني حَذف الحرف من الكَلمة ووضع حرف آخر غيره في المكان ذاته، وبذلك يختفي الأول ويحل الثاني موضعه، سواء أمن الحروف الصحيحة كان أم الحروف المعتلة، أم مختلفين، وبَيّنَ اللغويون في هذا الإبدال أن "الغَرضُ من هذا الباب بَيان الحروف التي تُبدل من غيرها إبدالاً شائعاً لغير الإدغام".

وقَسّم علماء العربية ذلك الإبدال على قسمين:

1- الإبدال الصرفي:

ويُسمى أيضا بالإبدال المطّرد القياسي الذي عُرفَ عند جميع العرب، ويُسمى كذلك بالضروري أو اللازم، ويَحدث الإبدال متى اكتملت شروطه وضوابطه التي لابد من الالتزام بها وتطبيقها، لكن التسمية الغالبة هي "الإبدال"، بسبب قياسيته، ووجوب إجرائه، واطرداه في جميع حالته.

وحَرصَ العلماءُ على أن يفرقوا بين الإبدال اللغوي والإبدال الصرفي أو (المطّرد) (ديوان الشاب الظريف- دراسة لغوية)، ففي المطّرد القياسي يكون الإبدال في حروف معينة، واختلفوا في عدد هذه الحروف أو الأصوات التي تُبدَل، فحروفها تسعة عند ابن مالك فيجمعها في "هدأت موطيا"، وعَبرَ عنها في التسهيل (طويت دائما)، فاسقط منها الهاء، وعدها بعضهم بأنها أحدَ عشر حرفاً وجمعها في "أجد طويت منها"، وعدها آخرون اثني عشرَ حرفا في: "طال يوم أنجدته"، فحروف الإبدال متعددة قد تصل إلى اثنين وعشرين حرفا، لكن استعمل العرب الضروري منها في التصريف فجمعتها على "هدأت موطيا" أو غيرها .

ويكثرُ الإبدال في كلام العرب وغالباً في أشعارهم، من ذلك قول الشاعر:

لا تطلُبنَّ القُوتَ من معشر * ما عندهُم لطفٌ ولا رحمه

كلمة (رحمه) أصلها: رحمة، وقد أبدلت الهاء من تاء التأنيث المربوطة، عند الوقف عليها، فيقال عند الوقف: بينه ورحمه وغيرها من الكلمات، بإبدال الهاء مكان التاء المربوطة، وقول الشاعر أيضا:

يَا ضَاحِكاً والحَيَاةُ عَابِسَةٌ * وثابتاً والجبالُ تضطربُ

(تضطرب) أصلها (اضترب)، فأبدلت تاء (الإفتِعَال) طاء؛ وذلك لان الضاد من حروف الإطباق (هي فاء الكلمة) وحروفها هي (الصَاد والضَاد والطَاء والظَاء)، وبذلك سيقترب الصوت من الصوت ولكن في غير إدغام.

وهناك من الكلمات التي تقلب فيها دالاً، فعندما تكون الكلمة فاؤها دالٌ أو ذالٌ أو زايٌ، وجاءت بعدها تاء الإفتعَال فأنها حينئذٍ تُقلب دالاً، كقول الشاعر:

قالوا الشَّيْبَةُ عَنْ دَعْوَاهُ تَزْجُرُهُ *لقد صدقتُمْ ولكنْ ليسَ يزدجِرُ

(يزدجر) أصلها (يزتجر)، وهي من زَجَر – يزجُر – زَجرَاً، فيها أبدلت التاء دالاً، فاجتمع حرفان مجهوران وبذلك أصبحت الكلمة منسجمة صوتياً، وسهلة النطق .

وقول الشاعر:

وَمَاأَنَا مُنْكِرٌ تِلْكَ العَطَايَا * وما أنا جاحِدٌ ذاكَ الجميلا

فكلمة (العطَايَا) جمع عطية، وأصلها: عطايي، وهي على وزن (فعَائل)، قُلبت وأبدلت الياء الأخيرة ألفاً.

هذا، وقد يكون الإبدال في النون إلى الميم وذلك لفظاً وبسكونها ووقوعها قبل الباء، ويكون في كلمة أو كلمتين، فهذا يَكثرُ في القرآن الكريم، وقد يَردُ أيضا في الشعر، كقول الشاعر:

إنّ اللّيالي والأيامَ مِنْ غَزَلي * في الحسنِ والحُبّ أبناءٌ وأنباءُ

(أنباء) فقد جاء الإبدال هنا في كلمة واحدة، وسببه هو تأثير أحدهما على الآخر، فأبدل من هذا التأثير صوت الباء إلى صوت الميم وهو صوت أنفي مجهور، واتفقا مع الباء إذ إنَّ مخرجهما واحد، وهو بين الشفتين.

2- الإبدال اللغوي:

وهو سماعي غير مطّرد، فيختلف الكلام من قبيلة لأخرى، فقبيلة تَلفظُ: (مدح)، وأخرى تلفظُ (مده) بالهاء، ويرى اللغويون الإبدال يقع في كلام العرب وحتى في الحركات أيضا، وبذلك عرفوه: جعل حرف مكان آخر، أو حركة مكان أخرى، واختلفوا فيه، منهم من قال: كل كلمة أو كلمتين اختلفتا في حرف هو إبدال، من هؤلاء أبو الطيب اللغوي، وبعضهم يقول: انه لابد من علاقة صوتية بينهما حتى يصح إبدال حرف مكان الآخر، أمّا المحدثون فأنهم رأوا انه بالإمكان حصوله في الأصوات جميعاً، سواء التي فيها تقارب مخرجاً وصفة أو تقارب صفة وتباعدٌ مخرجاً، من هؤلاء، صاحب الرأي عبد الله أمين في كتابه الاشتقاق، ومنهم من قال بوجوب التقارب الصوتي ومن هؤلاء إبراهيم أنيس الذي يرى أن الإبدال هو تطور صوتي للكلمات.


المصادر

المعجم الوسيط، القاموس المحيط، الكتاب، جمهرة اللغة، الإبدال في لغات الأزد، المحيط في الأصوات العربية نحوها وصرفها، ديوان الشاب الظريف دراسة لغوية.







رائج



مختارات