الكاتب: جابر اليوسف - - عدد المشاهدات: 784
هب ان لديك كرة من المطاط يمكن كبسها وتصغير حجمها. ان الكرة وكأي جسم اخر تحتوي على كمية من مادة لها صفات وخصائص معينة، هذه الكمية من المادة تبقى ثابتة لا تتغير بتغير حجم الكرة. كما ان الكرة اذا انتقلنا بها الى قمة جبل او الى الفضاء او الى اعماق الأرض فإن هذه الكمية لا تتغير. ويطلق على كمية المادة التي تحويها الاجسام بالكتلة وهي كمية ثابتة لا تتغير بتغير المكان. ويمكن قياسها بمقارنتها مع كتل أخرى معروفة القياس بواسطة الميزان. إن عملية القياس يطلق عليها عملية الوزن لكن بالحقيقة نحن لا نقيس الوزن بل نقيس الكتلة
ان الكون يتكون من مادة وطاقة. والطاقة كمية فيزيائية كما هو الحال بالمادة والمادة تقاس بوحدة الغرام ومشتقاته بينما الطاقة تقاس بوحدة الجول. وتعرف الطاقة فيزيائيا بانها قدرة او قابلية المادة على انجاز شغل. فمتى ما اكتسبت المادة طاقة باستطاعتها ان تنجز شغلا لرفعها من مكان الى اخر او لجعلها تتحرك. فمثلا مياه السدود تختزن طاقة يمكن الاستفادة منها في تشغيل التوربينات المائية مثلا او الرياح تختزن طاقة يمكن بواسطتها تحريك السفن الشراعية او الطواحين الهوائية. كما ان أمواج البحر العاتية لها اثر تدميري بسبب ما تمتلكه من طاقة. وقد تكون الطاقة كامنة او قد تكون حركية.
تأخذ الطاقة اشكال وصور مختلفة منها الميكانيكية والكيميائية والحرارية والكهربائية والنووية والمغناطيسية... الخ.. كما انه يمكن تحويل الطاقة من صورة الى أخرى فيمكن تحويل الطاقة الكهربائية الى طاقة ضوئية او طاقة حرارية ويمكن تحويل الطاقة الكيميائية الى طاقة حرارية . وغير ذلك من التحولات وقد تمت صياغة قانون حفظ الطاقة (( بان الطاقة وضمن النطاق البشري لا تفنى ولا تستحدث من العدم))
المؤشرات العلمية تشير الى ان المادة والطاقة صورتان لشيء واحد. وبالإمكان تحويل احدهم الى الاخر. طبقا لمعادلة آينشتين (( الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء ) وتقاس الكتلة هنا بالكغم بينما تقاس سرعة الضوء بالمتر ثانية ومقدار سرعة الضوء في الفراغ بالضبط 299,792,458 متر في الثانية او بالتقريب 300 مليون متر في الثانية ان فكرة تغيير الكتلة بتغيير اطلاقة الجسم تعتبر احد الخطوات الأساسية في ظهور العلاقة بين الطاقة والكتلة . لقد ذكرنا ان الكتلة ثابتة لا تتغير بتغير المكان او الحالة , ذلك لان كمية الانطلاق او السرعة تكون متناهية في الصغر في الظروف الاعتيادية بحيث لا تبدو محسوسا. ومع ذلك فان الانطلاق اذا كان كبيرا ويقترب من سرعة الضوء فانه يحدث تغييرا ملحوظا في الكتلة. كما اثبتت ذلك التجارب العملية على الالكترونات. لقد بينت التجارب ان الجسم المنطلق بسرعة كبيرة جدا تزداد كتلته فمثلا اذا تحرك بنصف سرعة الضوء فان كتلته تزداد بمقدار 1.15 مرة بقدر كتلته وهو ساكن. والمعادلة الاتية تبين علاقة كتلة الجسم المتحرك مع كتلته وهو ساكن.
كتلة الجسم المتحرك = كتلته وهو ساكن تقسيم تحت الجذر التربيعي 1- مربع سرعته × مريع سرعة الضوء
ان معادلة اينشتين انفة الذكر او ما يسمى بعلاقة تكافؤ الطاقة والكتلة. تفسر لنا ان كمية قليلة جدا من الكتلة يمكن ان تعطي كمية كبيرة من الطاقة وخاصة ما يحدث في القنبلة النووية. كذلك نلاحظ ان مقدارا ضئيلا من اليورانيوم يستخدم في توليد الطاقة الكهربائية بواسطة المفاعلات النووية. ان تفجير القنبلة الذرية عام 1945 دليلا عمليا لإثبات ذلك.
لو قمنا ببناء معجل للالكترونات بطول معين ليعجل الالكترون بسرعة الضوء تقريبا. وبعدها نضيف مرحلة تعجيل ثانية للالكترون من خلال مضاعفة المسافة
لكي تعطي للالكترونات مزيدا من السرعة لتصل في النهاية الى سرعة تفوق سرعة الضوء وبعد التجارب ظهر ان هناك زيادة طفيفة في سرعة الالكترونات فاين ذهبت الطاقة المضافة وعن طريق الحسابات وعلى ضوء معادلة اينشتين قد اتضح ان ان الزيادة في الطاقة للالكترونات السريعة زادت كتلة تلك الالكترونات وكلما زودت الالكترونات بطاقة إضافية تحولت الطاقة إلى كتلة
ومن الجدير بالذكر ان موضوع تكافؤ الطاقة والكتلة ينطبق فقط في التفاعلات النووية بما فيها التفاعلات النووية الاندماجية
يجب ان نوضح مسالة أخرى وهي انه في حياتنا العملية قد لا نلاحظ زيادة في كتلة جسم اذا اكسبناه طاقة فمثلا نتوقع ان كتلة مصباح كهربائي تقل عندما يضيء لان الطاقة الكيميائية تتحول الى طاقة كهربائية وأخيرا الى طاقة ضوئية وغير ذلك من الأمثلة والسبب ببساطة ان مقدار الزيادة في الكتلة او نقصانها صغير جدا جدا مقارنة بمربع سرعة الضوء.
لنأخذ مثال اخر لو احرقنا 1 كغم من الفحم لغرض التدفئة وطبقنا عليه معادلة اينشتين فان ما ينتج من طاقة يساوي 9 × 10^16 جول. وهي طاقة هائلة ومع ذلك لا نشعر بالدفء
ولتفسير ذلك هو ان احتراق الفحم عملية كيميائية ناتجة من إعادة ترتيب الذرات والجزيئات عن طريق تكسير الاواصر ومن ثم إعادة ترتيبها من جديد وتكوين جزيئات جديدة هذه العملية مصحوبة بحرارة ان هذه التجربة ليس لها علاقة بتكافؤ الكتلة والطاقة وهكذا ننتهي الى نتيجة ان معادلة اينشتين تنطبق فقط على التفاعلات النووية.
