علاقة اللغة بالزمن


الكاتب: بتول المالكي -

علاقة اللغة بالزمن

ما هي علاقة اللغة بالزمن

يُعدّ الزمن من الموضوعات التي شغلت النحويين بحثاً وتقصّياً، ثــُمَّ تركوها في أثناء بحوثهم في الأبواب النحوية فهو من الموضوعات المهمّة التي لم تأخذ باباً مستقلاً في كتب النحويين القدامى، وإنــَّما كان ذكره عبارة عن شذرات وإشارات بحاجة إلى الرصد والتحليل والاستنتاج.

قضايا لغوية متعدّدة

قد تدخّل الزمن في قضايا لغوية ونحوية متعدّدة، فهو يُعدّ عنصراً أساسياً في التشكيل اللغوي، فالتقسيم الثلاثي للكلام جاء متأثــّراً بفكرة الزمن، وكذلك تقسيم الجملة العربية، والاختلاف في قضية الاشتقاق وغيرها كُلّ ذلك خضع لفكرة الزمن.

فالنحاة تحدّثوا عن الزمن في الفعل كثيراً؛ لأنَّ الزمن يُعدّ من مقوّمات الفعل، والفعل ما دلّ على حدثٍ مقترنٍ بزمانٍ ما، أمـَّا الاسم فهو ما دلّ على مسمّى، والحرف ما دلّ على معنى في غيره.

أمـَّا موضع اهتمامات النحاة المحدثين بدراسة الزمن فقد كان واحداً من الموضوعات التي شغلتهم، فهم يرون أنَّ الزمن في اللغة العربية ذو طبيعة نحوية، وانه لا ينسب إلاَّ إلى السياق،فدرسوه دراسة مستقلة، وذلك بالاستفادة، ممَّا تركه لهم علماؤنا القدامى، متخفّفين من جانب الشكل، ومغلبين جانب المعنى، فبعضهم وفِّقَ فيما وصلَ إليه من آراء واستخلصوا تراثاً لغوياً ضخماً، وبعضهم جنح إلى محاولة تطويع اللغة إلى بعض الفرضيات واستخلصوا استنتاجات يصعب قبولها، ولقد تعدّدت الألفاظ الدالة على الزمن في اللغة كثيراً منها (الزمن، الزمان، الدهر، الحين، الوقت، الأمد، الأزل، السرمد)، أمـَّا في القرآن الكريم فلم ترد كلمة (الزمن، الزمان، الأزل).

هذا هو الزمن الفلسفي الذي يحسُّ به الإنسان ويوزعه إلى أبعاده الثلاثة (الماضي، الحاضر، المستقبل) بعيداً عن الصيغ والأفعال والحروف.

الزمن اللغوي

أمـَّا الزمن اللغوي، فهو بعيدٌ من المعاني المعجمية والإحساس وحروف العدّ القياسي، وإنــَّما يعتمد على التراكيب اللغوية في الجملة العربية المكتوبة أو المنطوقة بما فيها من الصيغ والأفعال والحروف، من ذلك يتــّضح لنا أنَّ معنى الزمن الفلسفي معنى معجمياً يعتمد على الكلمات المصطلح عليها لتكون وحدات قياس له، أمـَّا معنى الزمن اللغوي فهو معنىً وظيفيٌ في السياق الذي هو المكان الوحيد الذي تبدو فيه كُلّ المعاني النحوية والدلالية واضحة لا لبس فيها.

فخلاصة ما تقدّم يتــّضح «أنَّ اللغة تتعامل مع الزمن على أساس أنــَّه قيمة محسوسة، مقطّعة إلى حقول، وهو بذلك ذو طبيعة توقيتية».

والذي أُريدٌ أن أنتهي إليه هو وضع حدٍّ فاصل بينما أصّله علماؤنا القدامى وما يقرّره تطبيقهم للغة فهم يقضون بدلالة الكثير من الحروف على الزمن والواقع التطبيقي والدارسون المحدثون ينفون العلاقة بين الأداة والزمن ويتركون ذلك للسياق، والحروف التي أصّل لها علماؤنا دلالة على الزمن غير قليلة يمكن أن أختار منها جملة صالحة مع التنبيه على حقيقة أنَّ دلالتها على الزمن لا تكون إلاَّ حين دخولها في التراكيب.







رائج



مختارات