المعاني الدلالية لحرف الكاف


الكاتب: بتول المالكي -

المعاني الدلالية لحرف الكاف

المعاني الدلالية للحرف الاحادي الكاف

الكاف: حرف من حروف المعاني، ويكون على نوعين: عاملاً (كاف الجرّ)، وغير عامل (الخطاب).

فـ(كاف الجرّ) حرف ملازم لعمل الجر، ودليل حرفيّته أنــَّه حرف واحد يقع صدراً وصلةً مع مجروره من غير قبح، نحو قولك: جاء الذي كزيد، أمـَّا الاسم فلا يكون كذلك، بل يكون زائداً.

فالفارسيّ يرى أنَّ الكاف في قوله: (ذلكَ والنجاؤُكَ وأَرَأَيتُكَ زيداً ما فعل) حرف خطاب ولا اسمية فيها، وهو بذلك وافق سيبويه حينما استدلّ على حرفيتها بقول العرب: (أريتكَ فلاناً ما حالُهُ).

وكذلك قوله تعالى: [اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا ] [سورة الإسراء/62].

أي: أخبرني عن هذا الذي فضّلته عليَّ، لمَ فضلته عليَّ وأنا خيرٌ منه.

الوظيفة الدلالية

والوظيفة الدلالية التي أدّاها الحرف (الكاف) في قول أبي عليّ زائدة زيدت لمعنى المخاطبة؛ لأنــَّها اتصلت بالفعل، ويؤكّد ذلك قول المبرِّد: «اعلم أنَّ هذه الكاف زائدة زيدت لمعنى المخاطبة، والدليل على ذلك أنــَّك إذا قلت: أرأيتَكَ زيداً فإنــَّما هي أرأيت زيداً؛ لأنَّ الكاف لو كانت اسماً استحال أن تُعدِّي (رأيت) إلى مفعولين: الأوّل والثاني هو الأوّل. وإن أردت رؤية العين لم يتعدّ إلا إلى مفعول واحد، ومع ذلك أنَّ فعل الرجل لا يتعدّى إلى نفسه، فيتّصل ضميره إلا في باب ظننت وعلمت»، ما يدلّ على أنَّ (الكاف) دخلت هنا للإغراء توكيداً للمخاطبة.

وقد عضّد ابن جني رأي الفارسي وسيبويه وذهب مذهبهم في دلالة الحرف (الكاف) بأنــَّها للخطاب ولا اسمية فيها، وقدَّم لذلك دليلاً فذكر أنــَّها لو كانت في ذلك ونحوه من أسماء الإشارة لم تخلُ من أن تكون (مرفوعة أو منصوبة أو مجرورة)، فلا تكون مرفوعة؛ لأنــَّها ليست من ضمائر الرفع، ولا تكون منصوبة؛ بسبب عدم الناصب لها، ولا تكون مجرورة؛ لأنَّ الجرّ في الكلام يصل بطريقتين: حرف الجرّ وهو غير موجود هنا، وإضافة اسم، وأسماء الإشارة لا تضاف.

وقد تخرج من الحرفية إلى الاسمية في الكلام لا في الضرورة، وحركتها الفتح، ومعناها التشبيه، فإذا قلت: زيدٌ كالأسد، جاء الوجهان.

ومنهم من يرى أنــَّها في محلّ نصب مفعول به للفعل (رأى)، والعكبري وافق ابن جني على ذلك، أمـَّا عباس حسن فقد وضع شرطاً لكاف الخطاب الحرفية، وهو أن تسبق بهمزة استفهام ويجيءُ بعدها اسم منصوب ثــُمَّ جملة استفهامية، ومنهم من يرى أنــَّها اسم (أبداً)، لا حرفاً؛ لأنــَّها بمعنى (مثل)، وما هو بمعنى اسم فهو اسم، والراجح ما ذهب إليه الفارسي وبعض النحويين من أنَّ الوظيفة الدلالية التي أدّاها الحرف هي المخاطبة، إذ تحددت دلالته بالسياق الذي ورد فيه، فلا يفهم معنى اللفظ (الحرف) منعزلاً عنه، إذ لا تُتصوّر وظيفة الحرف من جهة لفظه، بل من جهة هيئته التي يمثّلها في التركيب، فمعناه يتحدّد بالسياق المتواضع عليه حال التركيب مع غيره.







رائج



مختارات