المعاني الدلالية لحرف التاء


الكاتب: بتول المالكي -

المعاني الدلالية لحرف التاء

محتويات

حذف حرف لا


المعاني الدلالية للحرف الاحادي التاء

التاء: حرف من حروف المعاني، وهو أحد حروف القسم الثلاثة، كما أنــَّها من حروف الجرّ، تختصّ بالدخول على لفظ الجلالة، ويحذف معها فعل القسم وجوباً، نحو: قوله تعالى: [وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ] [سورة الأنبياء/57].

وهناك حروف كَثــُر استعمالها للدلالة على القسم يذكرها النحويون مع حروف الجرّ، تصنيفاً لها من ناحية الإعراب من دون أن يطغى ذلك على معناها الوظيفي في كونها من ناحية المعنى دالة على القسم، وما يؤدّيه من توكيد الكلام، وهذه الحروف هي (الواو، الباء، التاء)، والوظيفة الدلالية التي تؤدّيها (التاء) عند الفارسي هي القسم، كما مثــّل لها في قول الشاعر:

تاللهِ يبقى على الأيّامِ ذو حِيَدٍ بُمشْمَخِرٍّ به الظبانُ والآسُ

حذف حرف لا

فسّرَ قوله (تالله) على حذف حرف النفي (لا)، أي: لا يبقى، فلما حذف الحرف وَصَل الفعل، فالتوجيه الوظيفي لدلالة الحرف على القسم والتي انساق إليها الحرف في قول الشاعر، قائمة على أحقية معنى القسم في العمل التركيبي، وهذا كما هو معروف يدلُّ على خضوع المبنى للمعنى ومجيئه تالياً له، والحذف الذي أشار إليه الفارسي في البيت يُعدّ من أكثر الظواهر وضوحاً في العربية، إذ يفوق وضوحه سائر اللغات لما جبلت عليه العربية في خصائصها الأصلية من الميل إلى الإيجاز، أو لكثرة الاستعمال.

ويؤكّد ذلك الجرجاني بقوله: «ترك الذكر أفصح من الذكر، والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق، وأتمُّ ما يكون بياناً إذا لم تُبــِن».

يتّضح من ذلك أنَّ الفارسي وبعض النحويين وافقوا ما ذهب إليه سيبويه، من أنَّ القسم هو الوظيفة الدلالية المقصودة من السياق الكلامي للحرف الذي ورد فيه، فهو يحمل مظهراً دلالياً دلَّ عليه السياق... والتاء تدخل على اسم الله وحده، فتقول: تالله لأركبنّ، وقوله تعالى: [تالله ] أصلها: أحلفُ بالله، فحذف الفعل تخفيفاً في أكثر الأمر، وذهب بعضهم إلى أنَّ التاء الجارّة تدلُّ على القسم مع التعجّب، ولا تستعمل إلا مع اسم الله، نحو قولك: تالله لأفعلنَّ كذا.

وذهب بعض النحويين إلى ما ذهب إليه الفارسي ووافقوه الرأي.

وذهب المفسّرون إلى أنَّ التاء في قوله تعالى: (وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ) تدلُّ على زيادة معنى وهو التعجّب، وكان إبراهيم (عليه السلام) يتعجّب من تسهيل الكيد على يده مع صعوبته وتعذّره لقوّة سلطة نمرود واستكباره، وبعضهم يرى أنَّ التاء في البيت بدلٌ من الواء ودون الباء التي هي أصل حروف القسم، فجرّوا المحلوف بها تعجّباً.

ومنه قوله تعالى: [قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ] [سورة يوسف/ 85]، ومنه قوله تعالى: [ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ] [سورة يوسف/95]، [قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ] [سورة يوسف/73]، [قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ] [سورة يوسف/91].

والمعنى: نُقسِمُ بالله إنــَّك لا تزال تردّد ذكر يوسف وتتأسف عليه وتديم ذكره منذ سنين لا تكفُّ عنه حتى تُشرف على الهلاك أو تهلك.

فوجود التاء في أكثر من آية في سورة يوسف يدلُّ على أنَّ التاء حرف قسم مثل الواو، ولكنّها مختصّة بلفظ الجلالة (الله)؛ لأنَّ القسم باسم الجلالة أقوى القسم، وتدلُّ أيضاً على العظيم.







رائج



مختارات