هل المادة والطاقة تفنى؟


الكاتب: جابر اليوسف - - عدد المشاهدات: 722

هل المادة والطاقة تفنى؟

مؤشرات ودلائل بعدم فناء الطاقة والمادة او خلقها من عدم

يخوض بعض الناس بمواضيع ليست من اختصاصهم او انهم لم يمتلكوا الحدود الدنيا من المعلومات بتلك المواضيع فتجدهم مثلا يشككون في موضوع علمي تجريبي ليثبتوا بطلانه او ليثبتوا من خلاله ما يدعون به من رأي او نظريات من دون دليل علمي.

وفي عرضنا هذا في موقع مرتوى سنسلط على موضوع قانوني حفظ الطاقة والمادة والذي لطالما أُثير جدل حوله بين مؤيد له ومعارض، ويرى حذفه من المناهج التعليمية.

لا يخفى على أي عاقل ان لهذا الكون خالقا قد نظمه بعلمه وحكمته وإبداعه وحدد الكمية والعدد والمقدار لكل موجوداته بدءا من مكونات الذرة الى مجراته العملاقة وما هو اصغر منها وما هو اكبر. والباحث فيه يجد انه خُلق في غاية الدقة والإبداع بدءا من مكونات الذرة وما هو اصغر منها الى المجرات العملاقة. قال تعالى ((وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا))- 126 النساء. وقال تعالى ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا))- 12 الطلاق. لقد كان فضول الانسان للبحث ومعرفة كل ما يحيط به قاده الى استنتاجات واكتشافات واختراعات عظيمة اذهلت العقول، لدرجة أن بعضهم قد راودته الشكوك وبعضهم امن بان هناك خالق مبدع عظيم لا يمكن انكاره فهذا الخلق الدقيق بقوانينه ومقاديره لابد ان يكون هناك من خالق عظيم . قادر على الإحاطة بكل شيء وحفظه سواء كان الشيء في حركته او سكونه او كميته او عدده قال تعالى ((يَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا)) - 28 الجن. فمن السذاجة التشكيك به او انكاره.

إن قصة الكون سواء بدأت بالانفجار الكبير أو أن الله سبحانه خلقه دفعة واحده فكلا النظريتين تفضي الى انه بعد ذلك الحدث العظيم بدأ الكون بمادته وطاقته وزمانه ومكانه متمثلا بموجوداته من مجراته وكواكبه ونجومه وأرضه وما فيها من حياة. فكل شيء بعد الحدث العظيم قد خُلق بدقة وإبداع عظيمين وبمقادير دقيقة ثابتة.

لقد سبر الانسان اغوار اسرار الكون من خلال بحوثه ودراساته و من الدراسات التي عكف عليها الانسان هي دراسة المادة والطاقة وانبثقت من تلك الدراسات نظريات وقوانين منها قانونا حفظ الطاقة والكتلة.

قانون حفظ الطاقة

إن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث (تخلق) من عدم ويمكن تحويلها من شكل الى اخر.

قانون حفظ الكتلة

اول من وضعه العالم المسلم الاندلسي أبو القاسم مسلمة بن أحمد المجريطي، في كتابه (رتبة الحكيم). ويعرف انه (عند حدوث أي تفاعل كيميائي فان كتل المواد المتفاعلة تساوي كتل المواد الناتجة عن التفاعل).

او بمعنى عام: إن المادة في أي نظام مغلق تبقى ثابتة مهما حدث من تغير داخل النظام.

والسؤال هو: لماذا لا تفنى الطاقة، ولماذا لا تخلق من عدم؟ لماذا لا تفنى المادة ولا تستحدث من عدم؟ أسئلة لابد من الإجابة عليها بطريقة عقلية علمية ومنطقية.

وللإجابة على هذه الأسئلة نقول لأنها كمية ثابتة منذ تكوينها فحين أراد الله سبحانه خلقها قال لها (كن) فكانت قال تعالى ((إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ))- 8 يس. إذن خُلقت الطاقة والمادة بكمية ثابتة لا تتغير لا بزيادة و لا بنقصان قال جل جلاله (( ِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر))- 49 القمر. وقال تعالى ((وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا))- 38 الأحزاب. وكيف تفنى والله قد خلقها كما وان الكون وموجوداته تحت قوانين منضبطة. إلا انه بالإمكان ان تتحول من نوع الى اخر والأمثلة كثيرة حول الموضوع فمثلا يمكن تحويل الطاقة الكهربائية التي تم الحصول عليها من الخلايا الشمسية الى طاقة حرارية او الى طاقة ضوئية . ان كل الطاقات منذ بدأ النشأة وحتى الان زالى ما يشاء الله هي بنفس الكمية والمقدار بيد أنها تتحول من صورة الى أخرى كما اثبتتها التجارب العملية. قال تعالى ((وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ)) - 19 الحجر. ويقول اهل التفسير واللغة إن معنى موزون أي مقدور او بقدر معلوم مقدر.

هل يمكن تحويل الطاقة الى كتلة؟

من اشهر المعادلات والتي تعتبر نتائج النظرية النسبية هي معادلة تكافؤ الطاقة والكتلة حسب العلاقة ((الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء)) والتي من خلالها تم اكتشاف الطاقة النووية وقد استثمرت في صناعة القنبلة الذرية التي القيت من قبل أمريكا على هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين. لقد بينت الدراسات ان نواة الذرة تمتلك طاقه هائلة جدا. والمتمثلة بطاقة الارتباط النووية والتي تمثل الفرق بين كتلة النواة وكتلة مجموع مكوناتها من البروتونات والنيوترونات، واستطاع العلماء من تحريرها عن طريق فصل وشطر نويدات النواة.

من المعادلة نفهم أن الطاقة والكتلة مفهومان متكافئان ومتساويان ومن الممكن ان تتحول الكتلة الى طاقة وبالعكس. وتصور لو أن غراما واحدا من كتلة لجسيم ما انطلقت بسرعة الضوء (300 مليون متر لكل ثانية تقريبا) ما مقدار الطاقة التي تتكون؟

وهذه العلاقة (تكافؤ الكتلة والطاقة) صحيحة حسب دراسات الانسان وتجاربه لكن يمكن اثبات صحتها أيضا عن طريق الايات القرآنية الكريمة التي تخبرنا كيف ان الملائكة وهم مخلوقين من نور يتمثلون بصور البشر قال تعالى ((فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً)) مريم:17.

قال تعالى: ((فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ)) (هود:70).

قال تعالى: ((وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَٰذَا يَوْمٌ عَصِيب ) ٌ (77 هود).

ولا يعني تمثيل الملائكة بصور من البشر يتم وفق نواميس وقوانين طبيعية كما هو الحال بين الطاقة والكتلة انما يتم ذلك بخوارق واعجاز من خالق النور والمادة انما التمثيل هنا يدعم امكانية الربط بين الطاقة والمادة.

إقرأ ايضاً:ما هو الزمن

فحسب قانون اينشتين (الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء) يتضح أن كتلة جسم اذا تحرك بسرعة الضوء يمكن ان يتحول الى طاقة وبالعكس. وهذا يعني ان الطاقة والمادة مفهومان يمكن الربط بينهما وان يتحول احدهما الى الآخر لكن قد لا يكونان بنفس الترتيب الأصلي ..فتمثل الملائكة بصور البشر لا يعني انهم يمتلكون او يتصفون بصفات وخصائص البشر ألا ترى ان ضيوف إبراهيم حين قدم لهم الاكل لم يأكلوا او الروح التي تمثل الى مريم لم يمتلك خصائص البشر فقط جاء اليها ليبغ رسالة ربه، بينما نجد الاعجاز القرآني يصف لنا نقل عرش بلقيس وبالسرعة الفائقة والمقدرة بأقل من زمن ارتداد طرف العين البشرية كيف يتحول العرش الى طاقة ثم يرجع الى مادة وبترتيبه الأول.

قال تعالى: ((قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)- النمل:40.

أما بالنسبة الى قانون حفظ المادة او الكتلة الذي ينص على أن كمية المواد الداخلة بالتفاعل الكيميائي تساوي كمية المواد الناتجة عن التفاعل. ولا ينطبق هذا القانون فقط على التفاعلات الكيميائية بل يشمل أيضا التحولات الفيزيائية من تبخر وانصهار وتكاثف الى آخره من التحولات الفيزيائية. ويمكن إعادة صياغة القانون بشكل اشمل (في أي نظام مغلق فان المادة لا تفنى ولا تخلق من عدم مهما حدثت من تغيرات داخل النظام).

وهذا يفسر لنا ان الكتلة تبقى ثابتة لكن ممكن أن تتغير او تتحول من شكل الى آخر فمثلا يتحد 2 غرام من غاز الهيدروجين مع 16 غراماً من الاوكسجين لتكوين 18 غراماً من الماء وغير ذلك من التفاعلات.

هذا القانون يفند ادعاء القائلين بأزلية الكون بل يكشف ضحالة تفكيرهم دعنا نعيد جزئية من القانون ثانية (في نظام مغلق الكتلة او المادة لا تفنى ولا تخلق من عدم) لاحظ يذكر في نظام مغلق فان المادة لا تخلق وهي خلقت بالفعل هذا يقودنا الى ان النشأة الأولى للمادة نشأت او خلقت في نظام غير مغلق أي ان هناك فاعل خارج معادلة التكوين قد تدخل في تكوينها وبالتالي فان القادر على تكوينها قادر على فنائها.

لقد خلق الله المادة من المجرات العملاقة الى الذرة وما هو اقل واكبر بقدر معلوم وبكميات ثابتة احصاها وأحاط بها وقدرها كما اخبرنا القران في العديد من الآيات. إلا انه من الممكن ان نعيد ترتيبها وصياغتها بشكل او بآخر دون ان نزيد او نقلل من كميتها.

فالمادة تتميز بان لها مكانا وزمانا محددين فحيثما وجدت في مكان ما انعدمت في مكان وزمان آخر وهذا كله يكون ضمن النظام المغلق الذي أشار اليه القانون، فلنضرب لكم مثالا كي تتضح الفكرة حين يتحد الاوكسجين مع الهيدروجين يتكون الماء فهل زادت كمية الماء في الكون عما كانت عليه ونقصت كميتي الهيدروجين والاوكسجين عما كانت عليهما؟ الجواب كلا. لان كمية الماء التي تكونت من جراء تفاعل الغازين قد انعدمت هذه الكمية في مكان وزمان آخر كما أن غازي الهيدروجين والاوكسجين اللذين انعدما عند تفاعلهما لتكوين الماء قد تواجدا في مكان وزمان آخر. اذن الخسارة او النقص الحاصل بالأوكسجين سيعوض بطريقة ما مثلا في عملية التركيب الضوئي حين يطرح النبات الاوكسجين اما الماء فسينقص في مكان ما ضمن العمليات الكيميائية التي تحدث في الأرض او الغلاف الجوي وهكذا تبقى كتل الموجودات ثابتة لا تتغير ولا تفنى لكنها تتحول من صورة الى أخرى.

اذن الخالق خلق المادة والطاقة بكميات ثابتة لا يمكن لها الزيادة او النقصان لكن يمكن أن تتحول من شكل الى آخر أو من صورة الى أخرى بترتيبات مختلفة دون اخلال في كميتها ومقدارها الأصلي وان قانوني حفظ الطاقة والمادة حجة دامغة للمؤمنين الموحدين ورد على الذين يدعون بأزلية الكون أو الذين ينكرون وجود الخالق.







رائج



مختارات