دلالات الأفعال


الكاتب: د. محمد خضير الزوبعي -

دلالات الأفعال

دلالات الأفعال

قال تمام حسان في كلامه على الفعل مِن حيث الزّمن:" ومعنى إتيان الزمن على المستوى الصرفي من شكل الصيغة أنَّ الزمن هنا وظيفة الصيغة المفردة، ومعنى أن الزمن يأتي على المستوى النحوي من مجرد السياق أن الزمن في النحو وظيفة السياق وليس وظيفة صيغة الفعل".

ومثال ذلك ما ذكره الزّهراني: والسّياق مؤثر عَرَضي مهم في توجيهها، وذلك عند وجود السّياقات الخاصّة الّتي تقلب دلالة المضارع مِنَ الاستقبال إلى المضي، مثل: دخول ( لم) عليه، أو توجه صيغة الماضي مِنَ المضي إلى الاستقبال، مثل دخول (إذا)، أو دلالة السّياق على التّوجيه المجازي للمضي أو الاستقبال، فهي كُلّها دلالات سياقية عارضة لا تلغي أصل الصّيغة وإنّما تتدخل في إعادة توجيه دلالتها.

دلالة الفعل الماضي

يُستفاد مِن توجيه ابن عاشور لدلالة الفعل الماضي أنّه تحقق الوقوع، وذلك في تعليقه على الأفعال الماضية التي جاءت للدلالة على الاستقبال فالسّرُّ في مجيئها على صورة الفعل الماضي عنده للدلالة على الجزم بتحقق وقوعها، فالفعل الذي تضاف إليه (إذا) يكون بصيغة الماضي غالبًا؛ لإفادة التّحقق، وإنّما صِيغَ بصيغة الماضي تشبيهًا للمؤكَّد تَحصِيلُهُ بالواقع.

وفي قوله تعالى: ﴿لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ سورة العنكبوت:32. استعمل الفعل (كانَ) في معنى (تكونُ)، فَعَبّر بصيغة الماضي تشبيهًا للفعل المُحقَّق وقُوعِهِ بالفعل الّذي مضى.

دلالة المضارع

الأصل فيه هو التّجرّد، وهذا التّجرّد يُفهم منه معنى التّكرار والاستمرار والازدياد، وقد يُفهم منه دلالة الحدوث في قوله تعالى:﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ سورة البقرة:3، أي: بعد أن كانوا يكفرون بالبعث والمَعَاد كما حكى عنهم القرآن في آياتٍ كثيرة؛ٍ ولذلك اجتُلِبت في الإخبار عنهم بهذه الصِّلات الثلاث صيغة المضارع الدالّة على التجدد إيذانا بتجدُّد إيمانهم بالغيب وتجدُّد إقامتهم الصلاة والإنفاق إذ لم يكونوا مُتّصفين بذلك إلا بعد أن جاءهم هدى القرآن.

دلالة الأمر

إنّ فعل الأمر دلالته أدخل في أبواب البلاغة مِن حيث الدلالات المجازيّة مِنَ المضارع والماضي.

فالأمر المُطلق يدلّ على الوجوب ما لم تكن هناك قرينة تصرفه عن الوجوب.

  • دلالة الإرشاد، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ سورة البقرة:282.
  • الإباحة، كقوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا﴾ سورة الأعراف:31.
  • دلالة التّعجيز، كقوله تعالى: ﴿أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ﴾ سورة الأحقاف:4.
  • دلالة التّكوين، كقوله تعالى: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ﴾ سورة الأعراف:.166

دلالات الأدوات

إنّ الأداة لها أثرها الدّلالي الواضح في المعنى، فهي ليست مجرّد روابط بين مفردات الجملة أو بين الجمل.

ومثال ذلك معاني (الباء)، وومعني (إلى)، ومعاني (في)، ومعاني (عن)، ومعاني (اللام)، ومعاني (على) .... الخ.

فلو تناولنا بعض معاني هذه الحروف، نجد أنّ ((إلى)) تأتي لانتهاء الغاية في المكان، نحو:((سرتُ إلى الكوفة))، وتأتي في الزّمان، نحو:﴿أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ سورة البقرة من الآية:187، وتأتي بمعنى: ((مع))، نحو:﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ سورة آل عمران من الآية:52، أي: مع الله.

أمّا ((في))، فهو موضوع (للظّرف)، إمّا تحقيقًا، (نحو: المالُ في الكيسِ)، وإمّا تقديرًا، نحو:(نظرتُ في الكتابِ)، ويجيء بمعنى:((على))، نحو قوله تعالى: ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ سورة طه من الآية:71، أي: على جذوعه، وبمعنى: اللّام، نحو قوله تعالى: ﴿لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ﴾ سورة النّور من الآية:14، أي: لأجل ما أفضتم.







رائج



مختارات