محتويات
إنّ أداة الدلالة هي اللفظ أو الكلمة، فالمعاجم العربية تكاد تجمع على أنّ الألفاظ ترادف الكلمات في الاستعمال الشائع المألوف، فلا فرق بين أن يقال أحصينا ألفاظ اللغة، أو كلمات اللغة.
لقد تحدث الدكتور إبراهيم أنيس عن أنواع الدلالات، وقسمها إلى أربعة أنواع:
ثُمّ يرى الدكتور إبراهيم أنيس أنّ الفلاسفة والمناطقة يتحدثون عن دلالة الألفاظ، ويسمونها بالدلالة العامية؛ لأنّها تنطبق على كل فرد من طائفة كبيرة، ويصفون اللفظ حينئذٍ بأنّه كلي، مثل: كلمة شجرة التي تطلق على كل ما في الكون من الأشجار.
ويرى أنّه كما يصيب التخصيص دلالة بعض لألفاظ فقد يصيب التعميم البعض الآخر، غير أنّ تعميم الدلالات أقل شيوعًا في اللغات من تخصيصها، وأقل أثرًا في تطور الدلالات وتغيرها.
ويرى أيضًا أنّ الدلالة كثيرًا ما يصيبها بعض الانهيار أو الضعف، فتراها تفقد شيئًا من أثرها في الأذهان، أو تفقد مكانتها بين الألفاظ التي تنال من المجتمع الاحترام والتقدير، وكما تنحط الدلالة في الألفاظ قد تقوى في ألفاظ أخرى، غير أنّ ضعف الدلالة أو انحطاطها أكثر ذيوعًا في اللغات بوجه عام.
إنّ الأصل في الألفاظ أن يختص كل لفظ بمعنى معين، ولا شك أنّ الألفاظ العربية في بدء نشأتها قد قصد بها أن يعبر كل لفظ عن معنى معين، وأن تكون له دلالته المستقلة، والأصل في كل اللغات أن يعبر اللفظ الواحد عن المعنى الواحد، ومع هذا فقد نرى في بعض الأحيان ما تقبل أكثر من لفظ للدلالة على أمر واحد، وهو ما يُسمى بـ: (الترادف)، وقد تقبل لفظًا واحدًا للدلالة على أمرين مختلفين اختلافًا بينًا، وهو ما يُسمى بـ:(المشترك اللفظي).
أمّا نشأة الدلالة لدى الطفل، فهي ليست كنشأتها الأولى لدى الإنسان الأول؛ لأنها ليست خلقًا جديدًا حين يدركها الطفل، بل هي أمر شائع مألوف عند الكبار، وكذلك الألفاظ التي ترمز لهذه الدلالة ليس فيها أمر جديد، بل هي معروفة مألوفة عند جميع أفراد البيئة اللغوية.
أمّا ظاهرة تطور الدلالة فهي ظاهرة شائعة في كل اللغات يلمسها كل دارس لمراحل نمو اللغة وأطوارها التاريخية، فدارس التطور الدلالي في لغة من اللغات يستعرض أمامه جميع الأحداث التاريخية لتلك الأمة التي تتكلم بهذه اللغة، وتلقى دراسته ضوءًا قويًا على تطور حياتها الاجتماعية؛ لأنّ دلالات ما ننطق به من ألفاظ تتضمن كل ما لدينا من فنون وعلوم وحرف ومهن، وكل مظاهر حياتنا العامة والخاصة.