محتويات
هو التتابع، والترادف "الرِّدفُ: ما تبع الشيء. وكل شيء تبع شيئًا ، فهو ردفه، واذا تتابع شيء خلف شيء فهو الترادف".
هو الألفاظ المفردة الدالة على شيء واحد باعتبار واحد، أو هو ما اختلف لفظه واتفق معنــاه، أو هــو أن يــدل لفظان أو أكثر على معنى واحد، مثل : أسهب وأطنب وأفرط وأسرف وأغرق بمعنى واحد.
وأول من ذكر الترادف سيبويه دون أن يسميه، إذ قال: "اعلم إن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين... واختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين هو نحو: جلس وذهب، واختلاف اللفظين والمعنى واحد، نحو: ذهب وانطلق، واتفاق اللفظين والمعنى مختلف قولك: وجدت عليه من الموجدة، اذا أردت وجدان الضالة، وأشباهه كثير"، واختلف اللغويون الأقدمون في هذه الظاهرة، كما أختلف المحدثون فيها عربا وغير عرب، وانقسم اللغويون إلى أكثر من فريق منهم من أنكر وجوده ومنهم من كان مقر بوجوده:
اثبت هذا الفريق وجود الترادف ووقوعه في اللغة، وساقوا لذلك حججا عقلية وأخرى نقلية، ومن حججهم أن الترادف من شانه التوسع في سلوك طرق الفصاحة وأساليب البلاغة في النظم والنثر، ولعل اقرب إلى الصواب الإقرار بوقوع الترادف في اللغة، سواء في لغة واحدة، أو في لغات مشتركة، والقرآن على قداسته فسر العلماء ألفاظه بما يرادفها، وكذلك أجازوا رواية الحديث النبوي بالمعنى مما يدل على وقوع الترادف في لغة العرب، ومن أمثلة الترادف في القران (انبجس وانفجر)، قال أبو حيان في قوله تعالى: "إِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا" إذ جاءت هنا انفجرت ، وفي الأعراف "انبجست" فقيل: هما سواء، وانفجر وانبجس وانشق مترادفات، وقيل بينهما فرق، وهو أن الانبجاس هو أول خروج الماء، والانفجار اتساعه وكثرته، وقيل: الانبجاس: خروجه من الصلب، والانفجار: خروجه من اللين.
انكر بعض اللغويين وجود الترادف، واقدم من نسب إليه هذا المذهب ابن الأعرابي، الذي يذهب إلى أن مكة سميت مكة لجذب الناس إليها، والبصرة سميت البصرة للحجارة البيض الرخوة، وتابعه ثعلب في إنكار الترادف، ومال إلى هذا المذهب ابن الأنباري، ومن المنكرين ابن درستويه، وأيضا أبو هلال العسكري، ومن المانعين أبو علي الفارسي.
ومما أنكروه في الترادف ما كان أصله من عدة لهجات، فهم ينظرون إلى اللغة على أنها بيئة لغوية واحدة، وفي هذا إغفال للغة المشتركة، وأنها تداخلت فيها اللهجات، وإن غلبت لهجة عليها، والذي ينظر في القرآن يجد أمثلة للمترادفات العربية مما جاء في الترادف فيه واضحا، وفي البحث القرآن، ولكن الغريب أن من يذهب إلى إنكار الترادف، ينكره نظريا، ويعترف به تطبيقيا.
أما المحدثون نجد اغلبهم يقرون بوجود الترادف، وينكرون على منكره، وفي الوقت نفسه لا يقبلون كل الأمثلة التي أوردوها لظاهرة الترادف، فقد وضعوا شروطا للألفاظ المترادفة، من أهمها: