محتويات
جاء في لسان العرب "الشِّركة والشَّركة سواء: مخالطة الشريكين، يقال: اشتركنا بمعنى: تشاركنا، وقد اشترك الرجلان، وتشاركا وشارك أحدهما الآخر.... واسم مشترك تشترك فيه معان كثيرة كالعين ونحوها فانه يجمع معاني كثيرة".
من أوائل من أشار إلى هذه الظاهرة هو سيبوبه، إذ قال: "اتفاق اللفظين والمعنى مختلف قولك: وجدت عليه من الموجدة، ووجدت اذا أردت ودان الضالة وأشباه هذا كثير"، بعد ذلك نرى السيوطي تعريفا للمشترك اللفظي عند أهل الأصول، قال هو: "اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين فأكثر، دلالة على السواء عمد أهل تلك اللغة".
معنى المشتــرك : أن تكون اللفظــة لمعنيين أو أكثــر، وعــرفه الأصوليون بأنه "اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين فأكثر دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة"، وأطلق القدامى على المشترك اللفظي عبارة : "ما اتفق لفظه واختلف معناه".
تعد ظاهرة الاشتراك اللفظي مشكلة من مشاكل العلاقات الدلالية شأنه في ذلك شأن الترادف، والتي تشرح العلاقات بين الكلمات في اللغة الواحدة؛ كونها تسير خلافا للأصل، الذي يقتضي أن يكون للفظ الواحد معنى واحد، وللمعنى الواحد لفظ واحد، والسياق هو الذي يعين احد المعاني المشتركة للفظ الواحد، ولا شك أن السياق لا يقوم على كلمة واحدة وإنما يقوم على التركيب النحوي، والذي يعين على المعنى المناسب.
وكما كان في وقوع الترادف في اللغة خلاف بين اللغويين اختلف العلماء في الاشتراك اللفظي في ثلاثة مذاهب، وهي:
ذهب الكثير من الأصوليين واللغويين على أن الاشتراك اللفظي ممكن الوقوع، لجواز أن يقع إما من واضعين، بان يضع احدهما لفظا لمعنى، ثم يضعه الآخر لمعنى آخر، ويكون لواضع واحد لغرض الإيهام على السامع، والأكثرون أيضا على انه واقع لنقل أهل اللغة ذلك في كثير من الألفاظ، ومن الناس من أوجب وقوعه، لان المعاني غير متناهية، والألفاظ متناهية، فاذا وزع لزم الاشتراك، ومن اهم المؤيدين لهذا المذهب الخليل وسيبويه، وأبو عبيدة، والأصمعي.
ومن أعظم النصوص حجية مما وقع فيه الاشتراك اللفظي القران، ومن ذلك الرب، وهو السيد، والمالك، والثابت، والمعبود، والمصلح، وزاد بعضهم بمعنى الصاحب، وبعضهم بمعنى الخالق العالم لا مفرد له. ومن الاشتراك اللفظي كلمة (العين)، قال أبو حيان في قوله تعالى فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍۢ مَّشْرَبَهُمْ"، العين لفظ مشترك بين منبع الماء والعضو الباصر، والسحابة تقبل من ناحية القبلة، والمطر يمطر خمسا أو ستا لا يقلع، ومن له شرف في الناس، والثقب في المزداة، والذهب وغير ذلك.
ذهب نفر من علماء اللغة وعلماء الأصول إلى منع وقوع الاشتراك اللفظي مطلقا، واحتجوا لذلك بان الأصل أن يكون للفظ معنى واحد، فليس من الحكمة مجيء اكثر من معنى للفظ واحد، وان الاشتراك اللفظي طريق للإيهام والغموض، وانه داخل في باب المجاز فلا يعد وجوده صفة محمودة؛ لأنه يسلب اللفظ جانبا من وضوحه وجلائه.
اختلف اللغويون المحدثون في هذه الظاهرة، فقد نكر وقوعه مطلقا، كرمضان عبد التواب الذي قال بأن المشترك اللفظي لا وجود له في واقع الأمر إلا في معجم لغة من اللغات، أما في نصوص هذه اللغة واستعمالاتها فلا وجود إلا لمعنى واحد من معاني هذا المشترك اللفظي، ونسب هذا المذهب إلى اولمان وفندريس، وأما الفريق الآخر فهو مثبت لوقوعه، كصبحي الصالح الذي يرى بان المشترك اللفظي سبب من أسباب ثراء العربية.
وتوسط كلا الفريقين فريق بين المثبتين والمنكرين، ومنهم علي عبد الواحد وافي، وإبراهيم أنيس.