أسباب ظهور المشترك اللفظي


الكاتب: غفران اليوسف - - عدد المشاهدات: 389

أسباب ظهور المشترك اللفظي

كيف نشأ المشترك اللفظي؟

:">الاشتراك لغة:

جاء في لسان العرب "الشِّركة والشَّركة سواء: مخالطة الشريكين، يقال: اشتركنا بمعنى: تشاركنا، وقد اشترك الرجلان، وتشاركا وشارك أحدهما الآخر.... واسم مشترك تشترك فيه معان كثيرة كالعين ونحوها فانه يجمع معاني كثيرة".

:">اصطلاحا:

من أوائل من أشار إلى هذه الظاهرة هو سيبوبه، إذ قال: "اتفاق اللفظين والمعنى مختلف قولك: وجدت عليه من الموجدة، ووجدت اذا أردت ودان الضالة وأشباه هذا كثير"، بعد ذلك نرى السيوطي تعريفا للمشترك اللفظي عند أهل الأصول، قال هو: "اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين فأكثر، دلالة على السواء عمد أهل تلك اللغة".

معنى المشتــرك : أن تكون اللفظــة لمعنيين أو أكثــر، وعــرفه الأصوليون بأنه "اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين فأكثر دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة"، وأطلق القدامى على المشترك اللفظي عبارة : "ما اتفق لفظه واختلف معناه".

تعد ظاهرة الاشتراك اللفظي مشكلة من مشاكل العلاقات الدلالية شأنه في ذلك شأن الترادف، والتي تشرح العلاقات بين الكلمات في اللغة الواحدة؛ كونها تسير خلافا للأصل، الذي يقتضي أن يكون للفظ الواحد معنى واحد، وللمعنى الواحد لفظ واحد، والسياق هو الذي يعين احد المعاني المشتركة للفظ الواحد، ولا شك أن السياق لا يقوم على كلمة واحدة وإنما يقوم على التركيب النحوي، والذي يعين على المعنى المناسب.

وكما كان في وقوع الترادف في اللغة خلاف بين اللغويين اختلف العلماء في الاشتراك اللفظي في ثلاثة مذاهب، وهي:

الأول: مذهب الإثبات

ذهب الكثير من الأصوليين واللغويين على أن الاشتراك اللفظي ممكن الوقوع، لجواز أن يقع إما من واضعين، بان يضع احدهما لفظا لمعنى، ثم يضعه الآخر لمعنى آخر، ويكون لواضع واحد لغرض الإيهام على السامع، والأكثرون أيضا على انه واقع لنقل أهل اللغة ذلك في كثير من الألفاظ، ومن الناس من أوجب وقوعه، لان المعاني غير متناهية، والألفاظ متناهية، فاذا وزع لزم الاشتراك، ومن اهم المؤيدين لهذا المذهب الخليل وسيبويه، وأبو عبيدة، والأصمعي.

ومن أعظم النصوص حجية مما وقع فيه الاشتراك اللفظي القران، ومن ذلك الرب، وهو السيد، والمالك، والثابت، والمعبود، والمصلح، وزاد بعضهم بمعنى الصاحب، وبعضهم بمعنى الخالق العالم لا مفرد له. ومن الاشتراك اللفظي كلمة (العين)، قال أبو حيان في قوله تعالى فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍۢ مَّشْرَبَهُمْ"، العين لفظ مشترك بين منبع الماء والعضو الباصر، والسحابة تقبل من ناحية القبلة، والمطر يمطر خمسا أو ستا لا يقلع، ومن له شرف في الناس، والثقب في المزداة، والذهب وغير ذلك.

: لا وجود للاشتراك اللفظي">المذهب الثاني: لا وجود للاشتراك اللفظي

ذهب نفر من علماء اللغة وعلماء الأصول إلى منع وقوع الاشتراك اللفظي مطلقا، واحتجوا لذلك بان الأصل أن يكون للفظ معنى واحد، فليس من الحكمة مجيء اكثر من معنى للفظ واحد، وان الاشتراك اللفظي طريق للإيهام والغموض، وانه داخل في باب المجاز فلا يعد وجوده صفة محمودة؛ لأنه يسلب اللفظ جانبا من وضوحه وجلائه.

المذهب الثالث: مذهب اللغويين المحدثين

اختلف اللغويون المحدثون في هذه الظاهرة، فقد نكر وقوعه مطلقا، كرمضان عبد التواب الذي قال بأن المشترك اللفظي لا وجود له في واقع الأمر إلا في معجم لغة من اللغات، أما في نصوص هذه اللغة واستعمالاتها فلا وجود إلا لمعنى واحد من معاني هذا المشترك اللفظي، ونسب هذا المذهب إلى اولمان وفندريس، وأما الفريق الآخر فهو مثبت لوقوعه، كصبحي الصالح الذي يرى بان المشترك اللفظي سبب من أسباب ثراء العربية.

وتوسط كلا الفريقين فريق بين المثبتين والمنكرين، ومنهم علي عبد الواحد وافي، وإبراهيم أنيس.

أسباب نشوء الاشتراك اللفظي:

  1. اختلاف اللهجـات العربيــة : فقد جاءت كثير من ألفاظ المشترك اللفظي نتيجة اختلاف القبائل في استعمـــالها ، وقد ضم أصحاب المعجمات هذه المعاني المختلفة للفظ ، من غير أن ينسبوا كل معنى إلى القبيلة التي كانت تستعمله.
  2. انتقال قســم مــن الألفاظ مــن معناها الأصلي إلى معــان مجــازية أخرى لعلاقة ما ، ثم كثر استعمالها ، حتى أصبح إطلاق اللفظ مجـازا في قــوة استعماله حقيقة ، من ذلك لفظة (العين ) التي سلف ذكرها.
  3. التطور اللغوي: فقد تكـون هنـاك كلمتـان كـانتا في الأصــل مختلفتي الصورة والمعنى ، ثم حــدث تطور في بعض أصــوات أحـداهما فاتفقت لذلك مـع الأخـرى في أصــــواتها ، وهكذا أصبحت الصورة التي اتحدت أخيرا مختلفة المعنى، أي صـــارت لفظة واحــدة مشتركة بين معنيين أو أكثر، من ذلك ما يروى من أن "مـَرَد: أقدم وعتا، ومَرَد الخبز بالماء" وأصل الكلمة بـــالمعنى الثاني هــو مـَـرَث ففي المعجمـات يعني مرث الشيء بالماء : أنقعه فيه وصار كالحساء، فقد أبدل صوت الثاء هنا تاء ، ثم جهرت التاء لمجاورتها للراء فصارت مرد، وبذلك اصبحت كلمة مرد مشتركا لفظيا، وتعني أقدم.
  4. اقتراض الألفـاظ مـن اللغــات المختلفة: إذ ربما كانت اللفظة المقترضة تشبه في لفظها كلمة عربية ، لكنها ذات دلالة مختلفة وقـد حدث هذا في العربيــة ففيها أن "السَّكر نقيض الصحو وفيها أيضا كل شق سُـدَّ فقد سُكر والسَّكر سد الشق" فالمعنى الأول عربي والمعنى الثاني معرّب من الآرامية.
  5. تطــور دلالات الألفاظ الإســلامية: فقد زادت معـاني جــديدة على ألفاظ قديمة لم تكن العرب تعرفها بهذا المعنى، منها: الكفر، والزكاة، والصلاة، والهدى، والربا.






رائج



مختارات