الاعلال في اللغة


الكاتب: غفران اليوسف -

الاعلال في اللغة

الاعلال في اللغة العربية

الإعلال لغة

"العِلَةُ: حَدثٌ يَشْغل صَاحِبهُ عَنْ وَجْههِ"، "واعتلَ، أي مَرِضَ، فَهوَ عَليلٌ، ولا أعلكَ اللهُ، أي لا أصابَكَ بعلة"، والعِلَةُ "عِلَةُ الرجلِ، إذا نازعتهُ نفسهُ إلى شيءٍ".

الإعلالُ اصطلاحاً

هي مجموعة التغيرات التي تطرأ على حروف العلة (التي تعد هذه الحروف أحد الأصول العربية) اجتناباً للثقل، ومثلما قال سيبويه السبب في مثل هذا التغير، وهو للتخفيف في النطق.

وحروفُ العلةِ هي الألف والواو والياء، وما يلحق بها وهو: الهمزة، وسميت هذه الحروف بـ(حروفِ الإعلال)، وهي معروفة بحروف العِلة؛ لأنها تتغير من حالٍ إلى حالٍ ولا تبقى مستقرة على صورةٍ واحدةٍ.

فالإعلال اذاً هو تغيرٌ معينٌ في حروفِ العلة، ويكون على ثلاثةِ أقسام، وهي:-

  • بحذف حرف العلة (الإعلال بالحذف).
  • بحذف حركة حرف العلة (تسكينه: الإعلال بالنقل).
  • بقلب حرف العلة إلى حرف آخر (الإعلال بالقلب).

أولا- الإعلال بالحذف

وهو قياسي أو (مطرد) ووجوده يكون لعلة تصريفية وهو التخفيف كحذف الواو الكائنة فاء في كلمة "يصف" ونحوها، وإنما لاستثقالها بين ياء مفتوحة، وكسرة لازمة، وهو بذلك يكون على أنواع معينة ومختلفة كما في:

  • حذف عين فعل الأمر الأجوف:

لا بد من حذف العين في الفعل كما في قُلْ – بِعْ – لمْ يَقُلْ – لمْ يَبِعْ- وهي أمرٌ ثم هذا المضارع منها، ويمكن أن نعرفَ سبب حذف حرف العلة وهو التقاءُ الساكنين كما في قول الشاعر:

امْدحْ وقلْ في معانيهِ فَقَد كَرُمَتْ لا يَحْسُنُ القَوْلُ حَتَّى يُحسنَ العَمَلُ

فكلمة (قلْ) هي فعل أمر لكن أصلها (قول)، فحُذف حرف العلة لالتقاء الساكنين، وهو الألف واللام في "قال"، إذ نُقلت حركة الفتحة بتحريك الواو، ومن ذلك انفتح ما قبلها فأصبحت الواو ألفاً في كلمةِ (قالَ) فحُذفت الألف، وصار فعلَ أمرٍ وهو (قُلْ).

  • حذف عين الفعل المضارع:

تحذف عين الأجوف في المضارع المجزوم، مثل: لم يقل، لم يبع، كقول الشاعر

إذا لم تدم للرُّوحِ والجسمِ صُحْبة فأيُّ حبيبٍ دائمٌ لك وُدُّهُ

المحذوفة الحرف (تدم) واصلها تدوم، فحذفت الواو الساكنة لالتقاء الساكنين أي الواو الساكنة مع الميم الساكنة، التي دخلت عليها أداة الجزم.

  • حذف عين الفعل الماضي الأجوف:

إذا اتصل الفعل الماضي من رسالة ديوان الشاب الظريف الأجوف بضمائر الرفع المتحركة، تُحذَف عين الفعل، مثل قول الشاعر:

خطبتُ وصلكم في جامعٍ لهوى وقمتُ مبتدر الساعات والدرجِ

فـ(قمت) أصلها (قام) وهو ماض أجوف، اتصلت به التاء واصلها (قومت) فالتقى ساكنان، بسبب حركة الواو عند اتصالها بـ(ضمائر الرفع) بالأفعال فإنها تسكن لام الفعل، فأصبحت (قمت) بعد حذف الواو منها.

  • حذف لام الاسم المنقوص:

تُحذَف لامه عادةً في حالةِ الرفعِ والجر، ويكون مجرداً من (أل) والإضافة أيضا، كقول الشاعر:

سَاقٍ يُرِيني قَلْبَهُ قَسْوَةً وَكُلّ ساقٍ قَلْبُه قَاسِي

فـ(ساقٍ) أصلها (ساقي)، حُذفَ الياء وعوض عنه بالتنوين، والتنوين هو ساكن عادة(5)، من ذلك التقى ساكنان فحذفت الياء للتخلص منه فأصبحت (ساق) وهذه في حالة الرفع هو فاعل، (ساقٍ) الثانية هي في حالة جر فهي مضاف إليه، وأما (قاسي) فلم يحذف الياء فيها؛ إذ إنه لم ينون.

  • حذف الواو:

ومثال الفعل المضارع من المثال كوعد وورث... الخ، وكذلك يوم وويل فانه مثال أيضا، لكن تقدمت على فائه الواو أو الياء بخلاف غيرها، وإذا كانَ الفعلُ مثالاً واوياً، مضارعا في وزن "يَفعِل" وهو مكسور العين، حذفت فاؤه، سواء أمضارعاً كان أم أمراً أم مصدراً (بتعويضها تاءً)، مثل: وَعَدَ – يَعِدُ – عِدَةً.

مثل كلمة (أجد) فعلٌ مضارع ثلاثي أصله (وجد) – أجد – حذف حرف الواو منه، وذلك لطلب الخفة.

ويُحذف أيضا في لام الفعل المضارع الناقص، بدخول أداة الجزم عليها، وهو بذلك لم يتصل به شيء في أواخر الكلمات، مما يكون حذفه، لتسهيل النطق، كـ: لم يَخشَ، ولم يَدع، ولم يقضِ، وغيرها.

وأيضا يحذف لام الاسم المقصور بتنوينه ويكون مجردا من (أل) والإضافة كما "فتى" اسم مقصور غير مضاف لكنه مُنون، وفيه يلتقي ساكنان احدهما الألِف والآخر هو التنوين فتحذف الألف ويبقى السكون فتصبح "فتًى".

ثانياً- الإعلال بالنقل

وسُمي الإعلال بالإسكان أيضا ، والإعلال بالنقل عُني به شيئان: وهما:

أ‌- حذف حركة حرف العلة؛ وذلك دفعاً للثقل فيه.

ب‌- نقل حركة العلة إلى الحرف الساكن الذي يكون قبله.

وقال سيبويه في هذا النوع من الإعلال "فإذا كان الحرف الذي قبله الحرف المعتل ساكناً في الأصل ولم يكنْ ألفاً ولا واواً ولا ياءً؛ فانك تُسكّن المعتل وتحول حركته على الساكن، وذلك مطرد في كلامهم"، وترجع فائدة مثل هذا الإعلال هو دفعاً للثقل، أي يمكن التخفيف في نطقهم الكلام.

ومنه قول الشاعر:

إنْ ناظروا ناظرَهُ في قتلتِي يَقُومُ منْ دَلالِهِ دَلِيلُهُ

فكلمة (يقوم) أصلها (يَقْوُم) فلما كانت الحركة المنقولة عن حرف العلة مشابهة ملائمة له، اكتفى بالنقل فقط.

ثالثاً- الإعلال بالقلب

وملخّصه أنَّ الواوَ والياءَ إذا تحركتا وانفتح ما قبلهما، قلبَتا ألفاً، مثل: قالَ وباعَ ورمى غزا وغيرها، ولا تقلب الكلمات إذا كان ما بعدهما ساكناً أو عيناً للفعل، كحور وعين(4)، أما أصحابُ المهذب فمثلوه بتحويلِ أحرفِ العلة أو الهمزةِ أيضا بتحويلِ حرفٍ مكان حرفٍ حلَ محله مثل قائل من قال، ولها حالات منها:

أ- قلب الواو والياء ألفاً:

وتقلب الواو والياء ألفاً، ويشترط في انقلابها عددٌ من الشروط، وهي:

  1. أن يتحرك ما بعدهما، إذا كان أحدهما في مكان عين الكلمة، فإنهما في تلك الحالة لا يعملان، مثل "بيان وغيور وخورنق"؛ لسكون ما بعدهما.
  2. أن لا تكون عين الاسم الذي يوزن (فعَلان) بفتح العين فيها فلا تعلان مثل: حَيَوان وهيمان.
  3. أن لاتكون الواوُ في موضعِ العين، في "افتَعَل" تدل على معنى المشاركة فهذه الواو، تكون غير معتلة، مثل: "اجتوروا وازدوجوا" بمعنى (تجاوروا وتزاوجوا).
  4. أن لا يجتمع فيها اعلالان مثل: طَوى وهَوى وأصلهما هَوي وطَوي، والحياة والحيا أصلهما: الحيية والحيي.
  5. أن لاتأتي بعدها ألف ولا ياء مشددة، إذا كانتا في موقع اللام فأنهما لا تعلان، مثل: رميا وغزوا وفتيان وعصوان؛ لمجيء الألف بعدها، ولحاق الياء المشددة مثل: علويّ وفتويّ.
  6. أن لا تكون عين الفعل منه على وزن "افعَل"، فتكون منها في الوصف والمصدر، مثل: (عَوِرَ- يَعوَر- عَوراً- فهو أعوَر)، و(هَيف فهو أهيَف) و(خافَ وهابَ).
  7. أن تكون الحركة أصلية، ولا يُؤخذ بالعارضة منها، كـ(جيل ونوم)، وأصل كل منهما جيأل ونوأم، فسقطت منها الهمزة، فأصبحت (جيل ونوم).
  8. وتكون حركة الفتحة متصلة في كلمتيهما، مثل: ياسر وواصل.

ومثال قال الشاعر من قلب الواو والياء الفا:

رَعَى الله نَفساً كم أُكَلِّفُها الهَوَى وأَجْنِي بِهَا حُلْوَ الأُمُورِ مِنَ المُرِّ

الفعل (رَعَى) قُلبت ياؤه ألفاً؛ لان أصله (رَعَيَ) ومصدره (رَعْي) وهو معتل اللام.

ب- قلب الواو والياء همزة:

1- "كما أبدلوا الهمزة كما في قضاء وسقاء حيث كانتا معتلين وكانتا بعد الإلف".

مثل كلمة (السَّماءِ) واصلها سماو، فقُلبت الواو في سماو همزة، فقد جاءت ألف زائدة فأصبحت (سماء)(1)، أي أنها من سما يسمو مما أدى إلى قلب الواو همزة .

2- وتبدل أيضا الهمزة من الياء، في حالة وقوعها بعد الألف، في "مفاعل"، وشرطها أن تكون زائدة للمد في المفرد كعجوز وعجائز، وكتيبة وكتائب، وسفينة، وسفائن.

وتدخلُ ضمن هذا الموضوع الألف في قلبها همزة مثل قلادة – قلائِد، ورسالة – رسائِل.

3- وتقلب الياء والواو همزة، إذا كانت في فعل ثلاثي أجوف وكان كل من الواو والياء عيناً لاسم الفاعل، أي يكونا في موقع علة، مثل: قَائِم، سَائِر، هَائِب، فإن كانت تصح في الفعل الماضي، فأنها تكون صحيحة في اسم الفاعل أيضا.

كـ(قائل) من الفعل الثلاثي (قَالَ – يَقولُ) وهو أجوف، من هذا يكون أصلها: (قَاوِلٌ) ، فقُلبت الواو همزة، لمجيء الألفِ قبلها وهو حرف علة، فأصبحت قائِل.

ت- قلب الواو ياءً:

لها حالات معينة منها:

أ‌- تُقلب الواو إذا انكسر ما قبلها ياءً، ولابد أن تكون ساكنة، وإنما قُلبت ياء؛ لان الكسرة تُناسب الياء، مثل: مِيزَان ومِيثَاق وحِيلَة ودِيمَة.

وتُقلب ياء في كلمة (الدِيَار)، وهي على وزن (فِعَال) لان أصلها دِوَار، فهي مكسورة قبل حرف العلة وهو الواو، وقلبت الواو إلى ياء، لان الحركات تُناسب ما قبلها، فالكسرة تُناسب الياء، فأصبحت ديار.

ب- قلب الواو ياء (في حال اجتماعها مع الياء):

إذا اجتمعت كل من الواو والياء وأولهما ساكن، قُلبت الواو ياء، وأُدغمت الياءان معاً، مثل سَيّد ومَيّت، وهما من سَادَ - يَسودُ، ومَاتَ - يَموتُ .

فكلمة (مَيّت)، على وزنِ (فَيعِل)، قُلبت الواو ياء، لأن أصلَها (مَيوت)، فلما التقى الحرفان كانت ساكنة الحرف الأول ومكسورة الحرف الثاني قُلبت الواو ياء فأصبحت ياءين فأدغمتا معا، فأصبحت ميّت.

ت: قلبُ الواو ياءً في "فُعلَى":

عندما تقع الواو في الاسم لامًا ويكون على وزن (فُعلَى) فإنما تقلب ياء، مثل: دُّنيا.

وذلك كقول الشاعر:

بِالله خَفْ إثْمِيَ يا قَاتِلي فاليومَ دُنْيا وغداً آخِرَهْ

(دُّنيَا) من دَنَا- يَدنُو، وأصلها (دُنوا)، ولان الواو هنا هي لام الاسم الذي على وزن (فُعْلَى)، لذا قلبت الواو ياء فأصبحت (دُّنيَا).

ث- قلب الألف واواً:

تُقلب الألف واوًا إذا جاءت بعد ياء التصغير، وكانت مسبوقة بضمة، كما في كاتب: كويتب، وكذلك المبني للمجهول، مثل: شُوهد، بُويع.

ج - قلب الألف ياء:

تُقلب الألف ياء عندما تأتي بعد كسر مثل: مَصَابيح وشَيَاطين وغيرها، وكذلك تُقلب ياء في حال اتصال حرفي الجر (إلى وعلى) بالضمائر.

ح- قلب الهمزة ألفًا:

الهمزة من الحرف الصحيحة، لكنها تشبه حروف العلة، لذا هي تقبل الإعلال، فعندما تجتمع همزتان في الكلمة وتتحرك الأولى وتُسكن الثانية، ولابد من قلب الثانية حرفَ مدٍ يجانس حركة ما قبلها كآمن وآدم وآخر وغيرها.


المصادر

الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، العين، مجمل اللغة، دراسات في علم الصرف، الكتاب، المدخل الصرفي تطبيق وتدريب في الصرف العربي،: إيجاز التعريف في علم التعريف التكملة: تيسير الإعلال والإبدال، جامع الدروس العربية، اللغة العربية معناها ومبناها، شذا العرف في فن الصرف، الموجز في قواعد اللغة العربية، الإعلال في كتاب سيبويه في هدى الدراسات الصوتية الحديثة، المقتضب، الممتع الكبير في التصريف، عمدة الصرف، المهذب في علم التصريف، ديوان الشاب الظريف دراسة لغوية، التطبيق الصرفي.







رائج



مختارات